الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمه تهدده بالحرمان من الميراث إن لم يبن بيتا بقرض ربوي

السؤال

أسكن بالإيجار وليس لدي قدرة على شراء منزل وأمي تريدني أن أبني بيتاً فوق منزل والدي بقرض ربوي وإلا فستحرمني من الميراث وتهب نصيبي إلى أخي ليبني بيتاً وأنها لن تكلمني ثانيةً، فهل يجوز لي أخذ قرض ربوي لبناء نصف المنزل حتى أضمن حقي وأتجنب غضب والدتي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، ولا يجوز لك الاقتراض بالربا لتضمن حقك في التركة أو غيرها، وما يدريك أنك ستعيش إلى أن تكون وارثا لا موروثا، وقد قال صلى الله عليه وسلم محذرا من طول الأمل: كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل ـ وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. رواه البخاري.

ولا تستطيع الأم أن تحرمك من حقك في تركتها ولو أوصت لأحد أبنائها بما تملك أو بجزء منه، فوصيتها باطلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أحمد وغيره.

كما يجب على الأم أن تعدل بين أولادها في العطية على الراجح، لأن تفضيل بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة، أو عوز هو نوع من الظلم، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ نَعَمْ، فَقَالَ: أَفكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُم مِثْلَ الذي وهبت لابنك هذا؟ قال لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تشهدني إذا، إني لا أشهد على جور.

وفي رواية أحمد: قال: إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم، وقال له أيضا: فأرجعه فرده بشير.

وقال له أيضا: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.

والأم كالأب في ذلك، وتهديدها لك بالهجر لا يبيح لك الإ قدام على الربا، وقد قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}.

فتلطف مع أمك وبين لها حرمة الربا وخطورة الإقدام عليه وأن فعل ذلك يؤذن بحرب مع الله ورسوله، وصاحبه ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم مرتكب لإحدى الموبقات السبع متقحم لمعصية من أشد المعاصي إثما وساء سبيله سبيلا، لكن لو استطعت الدخول مع البنك في معاملة مشروعة كمرابحة، أو تورق ونحوها لتحصل على المال وتنتفع به في غايتك فلا حرج عليك، وانظر الفتويين رقم: 6501، ورقم: 21860 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني