الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يهددها بالطلاق إن لم تنجب وترتدي الحجاب

السؤال

أنا متزوجة منذ 4 سنوات، ولدينا طفل عمره سنتان ونصف، زوجي يستهزئ مني، وأحيانا يعامل الطفل بوحشية، ويهددني بالطلاق إن لم ألد وأرتدي الحجاب. فهل يجوز أن يطلقني أم لا ؟ حتى أمه تريد ذلك مرارا، وتريده أن يعطيها قدرا من المال، مع العلم أنها غير محتاجة إليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالطلاق مشروع في الجملة، وهو مكروه إن لم تدع إليه حاجة، ومباح إن دعت إليه حاجة، بل ومندوب إليه إن كانت المرأة مفرطة في دينها، كما سبق وأن بينا بالفتوى رقم: 43627.

ولا ينبغي لزوجك أن يجعل الطلاق سيفا مسلطا يهدد به كلما بدا له ذلك، وعدم الولادة إن كان بسبب لا دخل لك فيه لا تلامين عليه كيف يؤاخذك به؟! وإن كان عدم الولادة بسببك وامتناعك منها لغير عذر فلا حق لك في ذلك، لأن الإنجاب حق لكل من الزوجين كما هو مبين بالفتوى رقم 126211.

وأما الحجاب فإنه فريضة محكمة، وحق واجب شرعا على المرأة المسلمة، لا يجوز لها التفريط فيه، وقد سبق لنا بيان أدلة فرضيته بالفتوى رقم: 2595. ويتأكد الوجوب بأمر الزوج زوجته بلبس الحجاب، لأن طاعتها لزوجها في المعروف واجبة، وراجعي الفتوى رقم: 1780. فيجب عليك التوبة من السفور، والمبادرة فورا إلى لبس الحجاب من قبل أن يدركك الموت فتلقي ربك بهذه المعصية.

وأما الاستهزاء – إن وقع منه – فهو أمر سيء، ومنهي عنه شرعا في حق كل مسلم، فضلا عن الزوجة التي أمر الشرع بإكرامها والإحسان إليها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11 }.

وعلى كل حال فإننا نوصيك بالصبر على زوجك، ونوصيه بأن يحسن عشرتك، ويتحرى الحكمة والموعظة الحسنة في النصح والتوجيه، وعليكما بجعل الحوار والتفاهم وسيلة لحل المشاكل بينكما.

وبخصوص أمه وأمرها له بتطليقك، فلا تجب عليه طاعتها في ذلك إلا إذا كان لها مسوغ شرعي. وانظري الفتوى رقم: 69024. وكذلك لا يجب عليه إعطاؤها ما تطلب من مال إن لم تكن في حاجة إليه، ولكن يستحب له إعطاؤها برا بها وإكراما لها. وانظري الفتويين 46692، 22356.

بقي أن ننبه إلى ما ذكرت من معاملته ولده بوحشية، فإن صح ذلك‘ فهو مما لا يجوز شرعا إن كان بمعنى أذيته بضرب ونحوه، ولاسيما مع طفل في مثل هذه السن التي لا يعقل فيها. وراجعي الفتوى رقم: 33524.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني