الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز التصرف في أملاك المريض النفسي

السؤال

هل يجوز التصرف بأملاك المريض النفسي رغم معارضته لذلك بحجة أنه لا يؤخذ برأيه بسبب مرضه؟ أي أن المريض له بيت غير مجهز أهمله بسبب المرض، قام أخوه الأكبر بالشروع في تجهيز البيت للسكن فيه هو وعائلته، وقام بتجهيز مكان للوالدة وصاحب البيت المريض في أسفل البيت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن المعروف أن الأمراض النفسية أنواع ودرجات، وفي كثير منها يبقى المريض قادرا على التعقل والتصرف في ماله وسائر شئونه، ومثل هذا لا يسوغ الحجرَ عليه؛ فليس مجرد وجود مرض نفسي يبيح الحجر على صاحبه. فإذا أشكل هذا المرض وحال بين صاحبه وبين حسن التصرف في ماله وصيَّره في حكم السفيه فإنه لا يسري عليه حكم الحجر إلا بحكم الحاكم أو القاضي الشرعي.

جاء في (الموسوعة الفقهية): ذهب جمهور الفقهاء القائلين بالحجر على السفيه إلى أن الحجر عليه لا بد له من حكم حاكم ، كما أن فك الحجر عنه لا بد له من حكم حاكم أيضا ، لأن الحجر إذا كان بحكم الحاكم لا يزول إلا به ، ولأن الرشد يحتاج إلى تأمل واجتهاد في معرفته وزوال تبذيره فكان كابتداء الحجر عليه اهـ.

وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 62184، التنبيه على أن الحكم بالسفه لا يثبت إلا بحكم القاضي؛ إذ لو ترك إثباته لآحاد الناس لأدى ذلك إلى اضطراب كبير يتعذر معه ثبات الأحكام على نسق سليم.

وفي حال حكم القاضي بالحجر فإنه ينصب على أموال المحجور عليه قيما، ويلزم هذا القيم حفظ مال المحجور عليه من التلف والضياع ونحو ذلك، كما يلزمه تنميتها. وقيل: يستحب له، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 54950.

ولا بد من مراعاة القيم لهذا الغرض من تنصيبه، وهو الحفاظ على المال من سوء تصرف المحجور عليه أو غيره، جاء في (الموسوعة الفقهية): قرر الشارع الحجر على من يصاب بخلل في عقله كجنون وعته حتى تكون الأموال مصونة من الأيدي التي تسلب أموال الناس بالباطل والغش والتدليس. وتكون مصونة أيضا من سوء تصرف المالك اهـ.

ولذلك لا يشرع له التصرف في مال المحجور عليه إلا بما يعود على المحجور بالمنفعة جاء في (الموسوعة): لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط ، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: "لا ضرر ولا ضرار". وقد فرعوا على ذلك أن ما لا حظ للمحجور فيه كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به أو ما زاد في النفقة على المعروف أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض فكان ضررا محضا اهـ.

وعلى ذلك، فالتصرف المذكور في السؤال للأخ الأكبر لا يجوز، ويجب رفع الأمر إلى القاضي فلينظر في حكم الحجر على هذا المريض ابتداءً، ثم إقامة من يحفظ له ماله بالأصلح له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني