الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم قاتل النفس عمداً، الرجاء توضيح حال الصحابة فى ذلك؟ وإذا جار الحاكم وظلم لدرجة قتل الناس هل يجوز قتله أو الخروج عليه؟ وهل يحل دم مسلم بغير الثلاثة المذكورة فى حديث الرسول عليه السلام أي لمصلحة كما فعل الصحابة رضى الله عنهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقتل النفس بغير حق من أعظم الكبائر والسبع الموبقات، والأصل أنه لا يحل قتل مسلم إلا بإحدى الأمور الثلاثة المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. رواه البخاري ومسلم. ويستثنى من ذلك بعض المسائل التي نص عليها أهل العلم من إباحة القتل فيها من باب التعزير، كقتل الجاسوس، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 63363، 47087، 48427.

وجاء في الموسوعة الفقهية: الأصل أنه لا يبلغ بالتعزير القتل، وذلك لقوله الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ.. ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. وقد ذهب بعض الفقهاء إلى جواز القتل تعزيراً في جرائم معينة بشروط مخصوصة، من ذلك: قتل الجاسوس المسلم إذا تجسس على المسلمين، وذهب إلى جواز تعزيره بالقتل مالك وبعض أصحاب أحمد، ومنعه أبو حنيفة والشافعي وأبو يعلى من الحنابلة وتوقف فيه أحمد.

وأجاز أبو حنيفة التعزير بالقتل فيما تكرر من الجرائم إذا كان جنسه يوجب القتل، كما يقتل من تكرر منه اللواط أو القتل بالمثقل، وقال ابن تيمية: وقد يستدل على أن المفسد إذا لم ينقطع شره إلا بقتله فإنه يقتل، لما رواه مسلم في صحيحه عن عرفجة الأشجعي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه. انتهى.

وأما القتال الذي دار بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم، كما حدث في موقعتي الجمل وصفين فليس من هذا الباب، بل هو قتال متأولين كلهم يريد الحق، فمنهم من أصابه فله أجران ومنهم من أخطأه فله أجر واحد، ومذهب أهل السنة في ذلك أنه يجب الإمساك عنه وعدم الخوض فيه، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 36055، 20732، 24059.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني