الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

مسلم قتل مسلما عامداً متعمداً وهو الآن نادم على فعله ولم يؤخذ منه قصاص ولا دية وأراد التوبة من فعله وسؤالي هو: هل التوبة تجُب ما قبلها؟ أم أنه يلحقه الوعيد في الآخرة حتى وإن تاب في الدنيا؟ فأفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن تعمد قتل المسلم بغير حق كبيرة من أكبر الكبائر وجريمة من أعظم الجرائم، يبين ذلك قوله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93}.

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق. رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما، وصححه الألباني.

ولكن القاتل إذا تاب إلى الله توبة نوصحاً وعمل عملاً صالحا تقبل الله توبته وغفر ذنبه، ومن توبته أن يمكن أولياء الدم من استيفاء ما لهم، دلت على ذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في مدارج السالكين وغيره: إذا تاب القاتل من حق الله وسلم نفسه طوعا إلى الوارث ليستوفي منه حق موروثه سقط عنه حق الله بالتوبة وحق الأولياء بالاستيفاء، أو الصلح، أو العفو، وبقي حق المقتول يعوضه الله تعالى عنه يوم القيامة عن عبده التائب المحسن ويصلح بينه وبينه، فلا يذهب حق هذا ولا تبطل توبة هذا.

ولذلك، فإن من توبة هذا القاتل أن يمكن أولياء المقتول من نفسه حتى يأخذوا بحقهم من القصاص، أو العفو، فإن الله تعالى لا يترك حق عباده، كما روى الإمام أحمد وغيره مرفوعاً: الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة: ديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً، وديوان لا يغفره الله، فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك بالله، وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه، فإن الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء، وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئاً فظلم العباد بعضهم بعضاً القصاص لا محالة. وانظر الفتوى رقم: 10808.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني