الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأخذ بحكم الألباني على الأحاديث لا يعني إهمال أقوال أهل العلم قبله

السؤال

نسمع من كثير من العلماء والمشايخ يقولون بعد ذكر الحديث الشريف: صححه الألباني، أو ضعفه الألباني ـ ألا يكفي أن يقال صححه، أو ضعفه الترمذي، أو ابن ماجه، أو النسائي، أو ابن حجر والسخاوي والنووي وغير هؤلاء القدماء؟ أليس هم أولى بذلك من الخلف؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ضير في الاستشهاد بحكم الشيخ الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ على الأحاديث تصحيحا، أو تضعيفا, وأهل العلم المعاصرون يكثرون من الاستشهاد بحكمه عليها لما عرف عنه من سعة الاطلاع وجمع الطرق للحديث والدقة في تطبيق قواعد هذا العلم بما لا يضاهيه فيه أحد من المعاصرين حتى قال عنه الشيخ ابن باز ـ رحمه الله: ما رأيت تحت أديم السماء عالما بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني.

وقال عنه الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ بعدما أثنى عليه في حرصه على السنة ومجانبة البدعة: أما من حيث التحقيقات العلمية الحديثية فناهيك به على تساهل منه أحيانا في ترقية بعض الأحاديث، وعلى كل حال فالرجل طويل الباع, واسع الاطلاع, قوي الإقناع, وكل واحد يؤخذ من قوله ويترك سوى قول الله ورسوله، ونسأل الله تعالى أن يكثر من أمثاله في الأمة الإسلامية. اهـ.

ولا يلزم من هذا أنه أعلم من الترمذي، أو غيره من المتقدمين, وكذا لا يلزم من كون المتقدم أعلم أنه معصوم وأنه لا يمكن للمتأخر أن يستدرك عليه خطأ في العلم، وفي مثل هذا قال العلماء: كم ترك الأول للآخر.

وفي الحديث الذي في إسناده مقال: أُمَّتِي كَالْغَيْثِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ ـ ومعناه كما قال شيخ الإسلام: فَمَعْنَاهُ: فِي الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ يُشْبِهُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَيُقَارِبُهُمْ حَتَّى يَبْقَى لِقُوَّةِ الْمُشَابَهَةِ وَالْمُقَارَنَةِ لَا يَدْرِي الَّذِي يَنْظُرُ إلَيْهِ أَهَذَا خَيْرٌ أَمْ هَذَا؟ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ خَيْرًا، فَهَذَا فِيهِ بُشْرَى لِلْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ يُقَارِبُ السَّابِقِينَ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: خَيْرُ أُمَّتِي أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا، وَبَيْنَ ذَلِكَ ثَبْجٌ، أَوْ عِوَجٌ. إلخ.

ثم إن من المتقدمين من يروي الأحاديث بأسانيدها ولا يحكم عليها بتصحيح، أو تضعيف كابن ماجه وغيره من رواة السنة فيحتاج الناس في زمن يكثر فيه الجهل كزماننا من يبين لهم حال الأسانيد من حيث الصحة والضعف, والمتقدمون كالنووي والحافظ ابن حجر لم يستقصوا الحكم على كل الأحاديث المروية في كتب السنة، فلا ينبغي أن نحط من أقدار من فتح الله له في العلم من المتأخرين بحجة الاكتفاء بالمتقدمين وأنهم أولى بذلك من الخلف، كما قال السائل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني