الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المستنكح بالشك يبني على الأكثر ولو مع غلبة الظن

السؤال

يا شيخ أنا صاحبة السؤال رقم: 2302736، وحضرتك قلت لي ابني على الأكثر، فلو كنت أحس أنني في الثانية، أو غلب على ظني جدا أنني في الركعة الثانية، فكيف ابني على الأكثر وأعتبرها الثالثة؟ وهل أفعل ذلك وأعتبرها الثالثة ولا يهمني غلبة ظني؟ أم أبني على ظني وأعتبرها الثانية؟ وهل في الحالتين لا أسجد للسهو سواء بنيت على ظني أم بنيت على الأكثر؟ فقد قرأت في الفتوى رقم: 19236، فإذا كان هذا الشك يتكرر منك كثيراً ـ كما ورد في السؤال ـ فلا يضرك هذا الشك، فإذا ترددت هل هي السجدة الأولى، أو الثانية، أو الركعة الأولى، أو الثانية، فخذ بالأكثر واسجد بعد السلام، ما لم تتيقن واحداً منهما فحينئذ تأخذ باليقين ـ فهل معنى ما لم تتيقن واحداً منهما فحينئذ تأخذ باليقين أنني لو غلب على ظني شيء آخذ بغلبة الظن؟ فأنا أحيانا يا شيخ أبني على غلبة ظني وأحيانا أبقى غير عارفة ولم يغلب على ظني شيء فآخذ بالأكثر، فهل ما أفعله صحيح؟ وهل لو بنيت على غلبة ظني أسجد للسهو أيضا؟ أم المفروض علي في حالتي أن لا أبني على غلبة ظني مع أنني أشعر أنني لو بنيت على غلبة ظني فصلاتي صحيحة، ولو بنيت على الأكثر أبقى غير مستريحة، لكن عندما لا يغلب على ظني شيء أبني على الأكثر فعلا ونفسي مطمئنة، فهل ما أفعله صحيح؟ أم يجب علي في كل الأحوال أن أبني على الأكثر، ولا يهمني غلبة الظن وما أشعر به وإن شاء الله سوف يتقبل الله عز وجل صلاتي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي يظهر من كلام فقهاء المالكية أن غلبة الظن والشك سواء بالنسبة للمستنكح وأنه يبني على الأكثر سواء شك، أو غلب على ظنه ما لم يصل إلى اليقين فيعمل بما تيقن به, جاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا قَابَلَ الْيَقِينَ فَيَشْمَلُ الْوَهْمَ، فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَابِعَةٍ. اهـ.

وقال أيضا: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ التَّرَدُّدَ عَلَى السَّوَاءِ، بَلْ مَا قَابَلَ الْيَقِينَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الظَّنُّ. اهـ.

وعلى هذا، فما دمت مستنكحة بالشك، فإنك تبنين على الأكثر حتى مع غلبة الظن.

وإننا ننصحك ثانية بأن تتقي الله تعالى وتكفي عن الوسوسة والاسترسال معها وأن تجتهدي في ضبط صلاتك من أولها، فالصلاة شأنها عظيم وليست لعبا واسترسالا مع الشيطان، وليس ما يذكره الفقهاء من البناء على الأكثر، أو غلبة الظن معناه أن يتساهل المصلي في ضبط صلاته, والاسترسال مع الوسوسة قد يفسد على المرء أصل دينه, جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: وَأَمَّا الْمُسْتَنْكِحُ - وَهُوَ الَّذِي يَعْتَرِيهِ الشَّكُّ كَثِيرًا - فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ إذْ تَتَبُّعُ الْوَسْوَاسِ يُفْسِدُ الدِّينَ مِنْ أَصْلِهِ، نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني