الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هبة الأب لبعض أولاده دون بعض

السؤال

يمتلك والدي أرضا بمحاذاة جبل تبعد عن المدينه 150 كلم متر طريق معبد و10 كلم طريق وعر بدون صك، وإنما بطريقة وضع اليد وبقيت على حالها 32 سنة لم يستطع إحيائها وذلك لقلة ذات اليد، وتم الاعتداء عليها من قبل أشخاص يريدون امتلاكها، وتم بحمدالله إعادتها له بشهادة الشهود. وفي تلك اللحظة خاف والدي على ذهاب الارض، وأيضا هو لا يريد بيعها لأنها تقع بجانب أرض جدي وعمي ولا يريد لغريب أن يكون بيننا..ولأنني الوحيد من بين إخوتي لدي القدرة المادية قال لي والدي : يا ابني إذا أحييت الأرض فهي لك وإن لم تحيها فليست لك، وتم إشهاد البعض من قرابتي على ذلك، وقد قبلت هذا العرض وقام بعض إخوتي بالاعتراض على والدي بحجة أنه لا يحق له إعطائي الارض, مع العلم أن الاراضي المزروعة في تلك المنطقة لا تدر أي ربح مادي وذلك لصعوبة الوصول إليها ولعدم جودة إنتاجها فهي فقط تعتبر متنزها لملاكها. فما الحكم في ذلك أفيدونا جزاكم الله خيرا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فلا يجوز للأب أن يخص أحد أبنائه بعطية دون باقي أبنائه ما لم يكن ذلك لمسوغ من حاجة أو عوز, ونحوه. لأنه حينئذ من الظلم الذي يورث تنافراً في قلوب الإخوان، ويذكي العداوات بينهم. فالواجب على الوالد أن يحفظ الود في قلوب أبنائه فيما بينهم باجتناب ما يضاد ذلك، ويدل على وجوب العدل بين الأبناء في العطية ورجحانه ما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا ، فإني لا أشهد على جور. وفي رواية لهما قال له أيضا: فأرجعه. وفي رواية لمسلم: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. فرد أبي تلك الصدقة. وفي رواية عند أحمد: إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم .
لكن إن كان سبب التفضيل لمسوغ معتبر جاز.

قال ابن قدامة في المغني: : فإن خص بعضهم لمعنى، مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أواشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. والعطية في معناه.

كما أنه إذا رضي الأبناء بالتفضيل جازأيضا، وقد ذكرت أنهم قد اعترضوا على ذلك ولا مسوغ لتخصيصك دون إخوانك بتلك العطية فلا يجوز للأب إنفاذها ما دام الأمر كذلك.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني