الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز ترك الإنفاق على الزوجة وهجرها بدون مسوغ شرعي

السؤال

متزوجة من أربعة شهور وحامل، زوجي لا يريد الإنفاق علي، ولا يتحمل مصاريف الحمل من دكتورة ودواء وتحاليل، والسبب في هذا أن أهله غاضبون مني، ويشترط علي أني أروح أعتذر لوالده ووالدته وأخته لكي يصرف علي، بالرغم أني لم أخطئ في حقهم. هل يجوز أن يعلق مصاريف البيت ومصاريف الحمل بالاعتذار لأهله؟ هو له شهر ونصف على هذا الحال، وترك المنزل ويأتي كل فترة ساعة ويغادر المنزل مرة أخرى، ولا ينفق علي. المشاكل بيني وبين أهله، هو قال لأهلي لازم تستأذنوا قبل أن تأتوا، وأهلي طبعا منعا للمشاكل وافقوا وسكتوا عن الموضوع، أخته مرة حضرت فجأة، فخرجت وسلمت عليها، وقلت لها: شيء طيب أن محمدا يسمح لك بالمجيء من غير ما تستأذني، فهو لا يسمح لأمي بالمجيء دون استئذان، وقعدت معها ورحبت بها، واتصلت بها بعد ذلك، وجاءت بعد ذلك هي وأمه وأبوه يتغدون معه ومر الأمر بطريقة عادية، لكن فجأة بعد الموضوع بأسبوعين وجدته يطلب مني هذا. المشكلة التي بيني وبين والده ووالدته أنهم جاؤوا يتغدون معه مرة في البيت، وأحضروا أكلهم معهم، وطبعا كنت أنا وزوجي متخاصمين، وهم عارفون، ودخلوا البيت وفرشوا وقعدوا يأكلون، فخرجت سلمت عليهم لكن ما أكلت معهم لأني كنت تغديت، فخرجت أقعد معهم وعملت لنفسي شايا، فوجدت باقي الأكل الذي عملته، فعملت سندوتش وأكلته مع الشاي، فوالده قال لي طيب كنت أكلت معنا، قلت له حتى لا يرمى الأكل الذي عملته، ولست جائعة، هذا سندوتش صغير، وشربت الشاي، وعملت لأمه الشاي، وسلمت عليهم وهم يغادرون. فوجئت أن والده ووالدته بعد ذلك يطلبون منه أن أعتذر لأني أكلت السندويتش ولم آكل معهم، أنا قلت لزوجي لو أن أحدا منهم غاضب مني يعرفني وأنا أعتذر، لأننا تكلمنا بصورة عادية، وسلمت عليهم. أم أروح أعتذر وأقول لكل أحد إني آسفة دون خطإ مني، هذا سيقلل من كرامتي، لأني لم أخطئ في حق أحد، وهذا موضوع قديم، لماذا نفتح المواضيع كلها مع بعض، وليته قال ذلك لي بيني وبينه، بل ذهب إلى عمي وقال له: أنا لن أصرف عليها، ولن أعيش معها في البيت إلا لما تعتذر لأهلي وأختي، ويقول إني هكذا ناشز، وإنه حلال له ألا يصرف علي ولا على الحمل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الزوجين أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف، ويقوم بحقه الذي أوجبه الشرع ، ومن ذلك أن ينفق الزوج على زوجته بالمعروف ، ولا يجوز له أن يمتنع من الإنفاق عليها إلا إذا نشزت عليه بأن تمنعه حقه في الاستمتاع دون عذر، أو تخرج من بيته دون إذنه، وانظري الفتوى رقم : 138832.
وعلى ذلك فلا حق لزوجك في ترك الإنفاق عليك وهجرك لمجرد ما ذكرت من غضب أهله منك ، علما بأن ما ذكرت ليس فيه إساءة لهم تستدعي الاعتذار ، فضلا عن كون ذلك سببا لوصفك بالنشوز.
فالواجب على زوجك أن يتقي الله ويرجع لبيته، وينفق عليك ويعاشرك بالمعروف ، وينبغي أن يبين لوالديه أن ما حصل منك ليس فيه إساءة لهم، ويسعى لإصلاح العلاقة بينك وبينهم.
فإن أصر الزوج على موقفه فلك أن ترفعي الأمر للقضاء ليلزمه بالإنفاق عليك، لكن إن أردت أن تسترضيه وتعتذري لوالديه، فلا ينقص ذلك من كرامتك ، بل يكون رفعة لها ، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ » رواه مسلم .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني