الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من فاتته صلاة لنوم، أو نسيان، أو تعمد

السؤال

سمعت بعض الفتـاوى عن حكم تـارك الصلاة حتى يخرج وقتها وأن بعـض الفقهاء ـ ومنهم العـلامـة ابن باز ـ كفر من يترك الصـلاة إلى خروج وقتها متعمـدا، لكـن هل المسأله تنطبق علـى شخص استيقظ بعـد الفجـر ـ أي بعـد خروج وقتها وطلـوع الشمس وهو على الفراش ثم أكمـل نومـه ـ غلبه النوم، أو تكـاسل عن الصلاة، وبعـد مـا استيقظ على الفور صلى، فمـا حكمـه في ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فمن فاتته صلاة ـ لنوم، أو نسيان ـ حتى خرج وقتها، فإنه لا إثم عليه، واختلف العلماء هل يجب عليه القضاء فورا بحيث يأثم بالتأخير عن زمن الإمكان، وهذا قول الجمهور، أم يجوز له تأخير القضاء، لأنه يجب على التراخي لعدم تفريطه، وهذا مذهب الشافعية، جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن قاسم: يجب في أول الإمكان ـ بحيث يلحقه الإثم بالتأخير عنه ـ قضاء الفرائض الفوائت ما لم يلحقه ضرر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاة، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ـ متفق عليه، ولغيره من الأحاديث المستفيضة في الأمر بالصلاة عند الذكر، والأمر يقتضي الوجوب، فتجب المبادرة إلى فعلها على الفور، وهو قول جمهور الفقهاء ـ منهم إبراهيم والزهري وربيعة وأبو حنيفة ومالك وأحمد وأصحابهم ـ واختاره الشيخ وغيره، وحجة من رأى التأخير: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها في المكان الذي ناموا فيه، وهو لا يدل إلا على التأخير اليسير الذي لا يصير صاحبه مهملاً معرضًا عن القضاء، بل يفعله لتكميل الصلاة، من اختيار بقعة. انتهى.

وذهب الشافعية ـ كما قدمنا ـ إلى أن من أخر الصلاة لعذر ـ كنوم، أو نسيان ـ فالقضاء عليه على التراخي، وأما من أخرها عمدا فالصحيح عندهم أن قضاءه على الفور، قال النووي ـ رحمه الله: من لزمته صلاة ففاتته لزمه قضاؤها سواء فاتت بعذر، أو بغيره، فإن كان فواتها بعذر كان قضاؤها على التراخي ويستحب أن يقضيها على الفور، قال صاحب التهذيب: وقيل: يجب قضاؤها حين ذكر للحديث، والذي قطع به الأصحاب أنه يجوز تأخيرها لحديث عمران بن حصين، وهذا هو المذهب، وإن فوتها بلا عذر فوجهان كما ذكر المصنف أصحهما: عند العراقيين أنه يستحب القضاء على الفور، ويجوز التأخير كما لو فاتت بعذر، وأصحهما عند الخراسانيين: أنه يجب القضاء على الفور، وبه قطع جماعات منهم، أو أكثرهم، ونقل إمام الحرمين اتفاق الأصحاب عليه، وهذا هو الصحيح، لأنه مفرط بتركها. انتهى.

فإذا علمت هذا وعلمت أن جماعة من أكابر العلماء جوزوا تأخير الصلاة لمن فاتته لعذر حتى خرج وقتها تبين لك أن هذه المسألة ليست كمسألة تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، ولا قائل من العلماء ـ فيما نعلم ـ بأن إثم قضاء الصلاة متراخيا عن زمن الإمكان يصل إلى حد الإثم في تعمد تفويتها فضلا عن أن يقول بأنه كفر ناقل عن الملة.

هذا.. والأحوط بلا شك هو العمل بقول الجمهور والمبادرة بقضاء الصلاة الفائتة وعدم تعمد تأخير قضائها، وأما مسألة حكم تارك الصلاة وهل يكفر كفرا ناقلا عن الملة أو لا؟ فالقول فيها مستوفى في الفتوى رقم: 130853فانظرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني