الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب المرأة الطلاق في حال إساءة الزوجين لبعضهما

السؤال

حصل خلاف بيني وبين زوجتي وقد كنت في حالة غضب شديد نتيجة رميها قارورة العطر وشج رأسي وخرج الدم منه، وقد بدر مني ضرب غير مبرح و كلام بذيء يخجل لساني عن ذكره تجاهها، علما أني لا أقصده ولا أقره وإني نادم أشد الندم.
سؤالي هنا: في حالة طلب زوجتي الطلاق والإصرار عليه وأنا رافض. فما الحكم في ذلك، علما أني حاولت الصلح مرارا وتكرارا وهي رافضة والخطأ صادر من الجهتين مني ومن زوجتي. أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد جعل الشرع للزوج طريقا لإصلاح زوجته وهو الوعظ والهجر في المضجع، والضرب غير المبرح، أما الفحش والبذاء فمنهي عنه في حق الزوجة وغيرها، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن سب الزوجة وشتمها أو شتم أهلها يجعل لها الحق في طلب الطلاق.
قال الدردير: (ولها) أي للزوجة (التطليق) على الزوج (بالضرر) وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها وسب أبيها نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق. الشرح الكبير للدردير.
وحيث كان الضرر معتبرا فلا يشترط تكرره من الزوج وإنما يثبت للزوجة حق طلب الطلاق بالإضرار بها ولو مرة واحدة.
قال الخرشي: ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره. ( ش ): يعني أنه إذا ثبت بالبينة عند القاضي أن الزوج يضارر زوجته وهي في عصمته ولو كان الضرر مرة واحدة فالمشهور أنه يثبت للزوجة الخيار، فإن شاءت أقامت على هذه الحالة، وإن شاءت طلقت نفسها بطلقة واحدة بائنة. شرح مختصر خليل.
أما إن كانت زوجتك قد قصدت رميك بقارورة العطر فكلاكما ظالم، وقد اختلف العلماء في حق المرأة في التطليق في هذه الحال.
جاء في الشرح الكبير للدردير: (وإن أساءا معا) أي حصلت الإساءة من كل ولو غلبت من أحدهما على الآخر (فهل يتعين) عند العجز عن الاصلاح (الطلاق بلا خلع) أي إن لم ترض بالمقام معه (أو ولهما أن يخالعا بالنظر) على شيئ يسير منها له وعليه الأكثر تأويلان.
وما دام الأمر محل خلاف فالأولى الرجوع للمحكمة الشرعية لأن حكم القاضي يقطع الخلاف .
لكن ننبه إلى أن الطلاق ينبغي ألا يصار إليه إلا بعد تعذر جميع وسائل الإصلاح، و إذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق.
فإذا كنت قد حاولت الصلح ولم تفلح فينبغي أن يتدخل حكم من أهلك وحكم من أهلها ، كما قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا. النساء (35).
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني