الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مَا وَرَدَ فَي تَكْرَار الجَمَاعَةِ في مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّيَ فِيهِ مَرَّةً.

السؤال

إذا انتهت الجماعة الأولى في المسجد. أيهما أفضل صلاة جماعة ثانية في المسجد؟ أو الصلاة منفردا في المسجد ؟ أو الصلاة منفردا في البيت؟ أرجو الإجابة على السؤال في أسرع وقت ممكن و جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين مشهورين :
الأول : يكره تكرار الجماعة في المسجد الذي له إمام راتب وجماعة معلومون، لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أقبل من نواحي المدينة يريد الصلاة، فوجد الناس قد صلوا، فمال إلى منزله فجمع أهله فصلى بهم" قال الهيثمي في المجمع 2/45 : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات.
ولو لم يكره تكرار الجماعة في المسجد لما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع علمه بفضل الجماعة في المسجد، خصوصاً مسجده، فالصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه؛ إلا المسجد الحرام، كما جاء في الحديث المتفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه .
ولأن التكرار يؤدي إلى تقليل الجماعة لأن الناس إذا علموا أنهم إن تأخروا فقد تفوتهم الجماعة فإنهم يستعجلون، فتكثر الجماعة، وإذا علموا أنها لا تفوتهم فإنهم سيتأخرون، فتقل الجماعة، وتقليل الجماعة مكروه وهذا هو قول جمهور الفقهاء - الحنفية ، والمالكية ، والشافعية في الجملة، وهناك بعض القيود مع شيء من التفصيل لكل مذهب .
وذهب الحنابلة إلى عدم كراهة إعادة الجماعة في المسجد الذي له إمام راتب، أحرى الذي لا راتب له، محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة" وفي رواية (بسبع وعشرين درجة) رواهما البخاري و مسلم .
وإذا لم تصل في المسجد فقد لا يتأتى التجميع ، "وجاء رجل وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيكم يتجر على هذا؟ فقام رجل فصلى معه" رواه الترمذي من حديث أبي سعيد وقال عنه: حديث أبي سعيد حديث حسن، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين، قالوا: لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلي فيه جماعة، وبه يقول أحمد وإسحاق. وقال آخرون من أهل العلم يصلون فرادى، وبه يقول سفيان و وابن المبارك و مالك و الشافعي .
وقال في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي :
وهذا القول أي قول الإمام أحمد هو الحق ودليله حديث الباب- أي حديث أبي سعيد المتقدم .
وننبه إلى أن الصلاة في المسجد جماعة مع الإمام الراتب من أفضل الأعمال التي ينبغي للمسلم ألا يفوته فضلها "وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ فقال الصلاة لوقتها وبر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله" رواه البخاري ، ومسلم .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني