الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلقها ثلاثا ثم ندم ويريد إرجاعها

السؤال

أتمنى أن تكون بصحة وعافية شيخي الفاضل: أردت أن أسالك في موضوع في الطلاق، وهذا هو من البداية: تزوجت منذ 5 سنوات، ورزقت بطفلة تبلغ من العمر 4 سنوات، قضيت مع زوجي مدة من الزمن، وفي السنة الخامسة ظهرت مشاكل كثيرة، وعلى إثرها طلقني طلقة واحدة، وكانت عندي الدورة ولم يعلم، فأرجعني وأضاف القاضي أن الطلقة الأولى في فترة الحيض ولكن لم يعدل حكم الطلاق، ثم طلقني الثانية بدون علمي، ثم الثالثة برسالة جوال أرسلها لي، وكانت طلقاته الثلاث في حالة الغضب، والله على ما أقول شهيد، ثم أظهر صك طلاقي بالثلاثة، والآن ندم على فعلته ويريد إرجاعي، علما بأنني حامل، فماذا يفعل؟ وكيف يكون الطلاق؟ وهل هو واقع أم لا؟ أتمنى الرد شيخي الكريم في أقرب وقت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتفصيل الحكم في الطلقات الثلاث هو كما يلي:

1ـ الطلقة الأولى وهي الواقعة أثناء الحيض تعتبر نافذة عند جمهور أهل العلم ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وهو الراجح عندنا، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم بعدم وقوع طلاق الحائض، لكونه بدعيا محرما، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 110547.

والظاهر أن ما قام به القاضي هو توثيق لهذا الطلاق، وليس حكما به، وحكم القاضي الشرعي يرفع الخلاف في المسائل الخلافية، فلو حكم بنفاذه لكان واقعا حتى على مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية، ولو حكم بعدم وقوعه لكان غير واقع ولو على مذهب الجمهور، وراجعي الفتوى رقم: 139688.

2ـ الطلقة الثانية إذا لم يكن يقال عنها غير عدم علمك بها، فإنها تعتبر نافذة، لأن عدم علم الزوجة بالطلاق لا يمنع وقوعه.

3ـ الثالثة قلت إنها كانت بواسطة رسالة عبر الهاتف، فهي بذلك تعتبر في حكم كناية الطلاق، فتكون نافذة مع نية الزوج الطلاق، فإن لم ينوه فلا يلزمه شيء، جاء في المغني لابن قدامة: إذا كتب الطلاق، فإن نواه طلقت زوجته، وبهذا قال الشعبي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك، وهو المنصوص عن الشافعي. انتهى.

ثم إن الطلاق لا يقع إلا إذا كانت الزوجة في عصمة زوجها وقت التلفظ به، أو معتدة من طلاق رجعي، أما إن انقضت عدتها من غير ارتجاع ثم طلقها فلا يلحقها طلاق، لكونه لم يصادف محلا، وبالتالي فإن كانت الطلقات الثلاث السابقة نافذة حسبما ذكرناه من التفصيل، وقد حصلت كلها وأنت في عصمة زوجك فقد حرمت عليه، ولا تحلين له إلا بعد أن تنكحي زوجا غيره نكاحا صحيحا ـ نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقك بعد الدخول، وإن كان الطلاق الواقع أقل من ثلاث فله مراجعتك قبل وضع حملك، فإن لم يراجعك إلا بعد وضع الحمل فلا تحلين له إلا بعقد جديد.

وننصحك بمراجعة محكمة شرعية أو مشافهة أهل العلم بموضوعك للنظر في تفاصيل حالتك، مع التنبيه إلى أن طلاق الغضبان لا يقع إذا تلفظ به أثناء الغضب الشديد الذي لا يعي فيه ما يقول ـ وهذه حالة نادرة ـ فإن كان يعي ما يقول فطلاقه نافذ، وراجعي الفتوى رقم: 35727.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني