الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المنازعات لا يفصل فيها إلا حكم القاضي

السؤال

أسرة تعيش مشاكل كثيرة لمدة 15 سنة تقريبا، الزوج والزوجة دائما غاضبان وتقع مشاكل بينهما على أبسط الأشياء، يسبون ويشتمون بعضهما ويذكرون الأهل بالسوء، والزوجة تطلب الطلاق وهو يرفض ذلك ويطلب منها أن تختلع منه إن لم ترد الاستمرار، ولهم أبناء أكبرهم 13 سنة، يسمعون ويعيشون أيضا هذه المشاكل أفتوني أكرمكم الله فيما يلي: الزوج لا يأذن لزوجته بالخروج لقضاء حاجتها، ولا يريد هو أن يخرج معها، فهو يرى أنه من العيب أن يراه الأشخاص الذين يعرفهم مع زوجته مثل أصدقائه، ويقول إنها لا تعرف كيف تشتري شيئا فهي تتردد كثيرا في أن تشتري شيئا يعجبها، تشتريه وبعد يوم، أو يومين تقول إنها لاتريده فهو يذم هذه الصفة، ولا يأذن لها أن تذهب إلى زوجات إخوانه ولا إلى أخيها الموجود في نفس المدينة، ولا يأذن لها أن تدخل أحدا بيته حتى أخيها لا يريده أن يدخل بيته، ولا يرضى أن تتصل بأحد في الهاتف، مثل والديها أو أخواتها، أو أن يتصل بها أحد، فوالداها في دولة غير الدولة التي تقيم فيها ولم ترهم منذ سنتين، وتطلب منه أن يذهب بها إليهم وهو يرفض ولا يأذن لها بأن تذهب مع أخيها ويغضب إن أرسلت لهم هدية ولو كانت بأبخس ثمن ويغضب إن أرسلت أخاها أو أحدا لشراء ما تحتاجه ويقول لها إن احتجت شيئا فاطلبي أمي أن تلبي لك ذلك، وهي تقول أنا تزوجتك أنت وليس أمك. وفي الآونة الأخيرة تخرج بغير رضاه لتوصل ابنها إلى المدرسة، أو لشراء شيء من محل قريب من بيتها، وهو يراها خارجة ويقول لها لعنة الله عليك، فما حكم هذا؟ وهذه الزوجة تحس بظلم كبير من هذا الزوج، وتقول إنه يسيء معاشرتها ويتهمها كثيرا، فهي تطلب منه أن يطلقها ويرحل هو من البيت وتبقى هي مع أولادها، وتقول تزوج أخرى واتركني في سلام، وهو يقول ارحلي أنت واذهبي إلى المحكمة لتطلبي الخلع هذا لكي لا يكون لها أي حق بعد الطلاق، وسؤالي: هل يحق للزوج أن يستعمل حق القوامة بهذا الشكل؟ ومن يخرج من البيت في حال الطلاق أو الخلع؟ ومن له حق حضانة الأطفال بعد الطلاق؟ علما أن الحضانة إن كانت للأب فستتولى أمه حضانتهم، والزوجة في هذه الحالة تقول أنا أولى بأولادي من جدتهم، أفتوني جزاكم الله خيرا وأعطوني اسم المفتي، لأنني إن قدمت لهم فتواكم بدون اسم المفتي فلن يكون هناك تطبيق، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الزوجين أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف، ويقوم بحقه الذي أوجبه الشرع، ومن حق الزوج على زوجته أن لا تخرج من بيته لغير ضرورة إلا بإذنه، أما خروجها لقضاء حاجاتها التي لابد لها منها فلا حرج عليها في ذلك، قال الرحيباني: وَيَحْرُمُ خُرُوجُهَا أَيْ الزَّوْجَةِ: بِلَا إذْنِهِ أَيْ الزَّوْجِ، أَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ، لِعَدَمِ مَنْ يَأْتِيهَا بِهِ. اهـ وانظري الفتوى رقم: 95195.
وأما خروجها لزيارة أهلها فقد سبق أن بينا حكم منعها من ذلك في الفتوى رقم: 110919فلتراجع.
ومن حق الزوج على زوجته أن لا تأذن لأحد في دخول بيت زوجها إلا بإذنه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ. متفق عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الزوج على زوجته: وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ. رواه مسلم.
قال النووي: والمختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا، أو أمراة، أو أحدا من محارم الزوجة. اهـ

وأما منعها من كلام أهلها فلا حق له إلا إذا خاف عليها الفساد به، ولا يحق للزوج منع زوجته من التصرف في مالها بالهدية لأهلها، أو غير ذلك، أما إذا كانت الزوجة تهدي لأهلها من مال زوجها فلا حق لها في ذلك إلا بإذن زوجها، والواجب على الزوج أن يكون حكيما ويحسن عشرة زوجته ولا يمنعها من زيارة أهلها، أو زيارتهم لها إلا إذا خشي مفسدة، وفي حال الفراق بطلاق، أو خلع فإن حضانة الأطفال الصغار لأمهم ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم: 9779.
و لمعرفة تفصيل المذاهب في ترتيب مستحقي الحضانة راجع الفتوى رقم: 6256

وأما سكنى الزوجة فهي واجبة على زوجها ما دامت في عصمته، أو في عدة من طلاق رجعي، أما إذا بانت منه وكانت حاضنة فقد اختلف العلماء في حقها في السكنى، فمنهم من لم ير وجوبه ومنهم من أوجبه ومنهم من أوجبه إذا لم يكن للحاضنة مسكن، وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 24435
وحيث كان المسكن حق للحاضنة فليس بالضرورة أن يكون هو بيت الأب، بل عليه توفير مسكن مناسب، وننبه إلى أن المسائل التي فيها منازعات لا تفيد فيها الفتوى، وإنما مردها إلى القضاء الشرعي فهو صاحب الاختصاص، كما ننبه إلى أن الطلاق في الأصل مبغوض فينبغي أن لا يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، و إذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق، وانظري الفتوى رقم: 72094.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني