الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصرف الفوائد الربوية في مصالح المسلمين ولا ترد إلى البنك

السؤال

جزاكم الله كل خير على الخدمات لجليلة المقدمة في موقعكم: أنا أخ من الجزائر، لدي حساب ادخار في أحد البنوك، كنت ولازلت أحرس على أن لا آخذ الربح السنوي على الأموال المودعة في حساب الادخار، لأنني لا أطيق الربا ـ والعياذ بالله ـ كنت في كل مرة أبحث عن المدير أو ممثله لأرجع له المبلغ، فيصير بيننا عدم تفاهم لأن البنك يمنع على مستخدميه أخذ الأموال من العملاء والزبائن، ويطلب مني أن أتصدق به أو أودعه في صندوق مخصص لملاجئ الأيتام، وفي كل مرة أرجع له عنوة وأعلمه أن المبلغ ليس ملكي حتى أتصرف فيه، وأقول له بصفتك المسؤول الأول أرد لك المبلغ الذي هو ملك للبنك والسلام عليكم، ثم أخرج وأتركه عنده وأنصرف، وبعد مدة اشتريت عقارا فبقي عندي مبلغ صغير وأردت إتمام دراستي فقمت بالتسجيلات وفي وقت قصير جدا طلب مني تسديد مستحقات الدراسة، وكان ينقصني مبلغ وعند اطلاعي على رصيدي وجدت أنه قد دفع لي الربح السنوي لحساب الادخار فاستعملته ولم تكن لي أية وسيلة أخرى ووعدت نفسي أن أسدد المبلغ وأرده كعادتي، الآن وقد رزقني الله والحمد لله أكثر من المبلغ فكيف أتصرف؟ أأتصدق به؟ أو أرده كعادتي؟ أو ماذا علي؟ وهل أثمت بفعلتي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنجمل الجواب عن سؤالك في النقاط التالية:

أولا: أنه لا يجوز فتح حساب في البنوك الربوية مطلقا، ومن دعته الضرورة أو الحاجة الشديدة إلى فتح حساب لدى البنوك الربوية فعليه أن يقتصر على موضع الحاجة ويفتح حسابا جاريا لا حساب ادخار.

ثانيا: إذا كان حساب الادخار في بنك إسلامي يلتزم باستثمار أموال المستثمرين لديه في المجالات المباحة فلا حرج في الانتفاع بأرباحها.

ثالثا: من جاءته فوائد ربوية من حسابه في البنك الربوي فيلزمه التخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين ودفعها إلى الفقراء والمساكين، ولا يردها إلى البنك، بل يتصرف فيها هو، والمؤسسة لم تبذل الفوائد من مالها حتى يلزم ردها إليها، فهي أموال محرمة لا يعرف أصحابها، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: كل مال لا يعرف مالكه من الغصوب والودائع وما أخذ من الحرامية من أموال الناس أو ما هو منبوذ من أموال الناس، فإن هذا كله يتصدق به ويصرف في مصالح المسلمين. اهـ
وبالتالي، فلا ترد تلك الفوائد إلى البنك، بل تخلص منها بنفسك في مصارفها، وما تركته عند مسؤول البنك إن كان مؤتمنا على صرفه في مصاريفه فلا حرج عليك في ذلك، وإن كان غير مؤتمن عليه فلا تبرأ ذمتك منه، بل ترجع إليه لتأخذه منه وتصرفه في المصارف التي بيناها، فإن لم يؤده إليك بذلت قدرها من مالك لكونك ضامنا لها، وقد وضعتها في غير محلها، فلا تبرأ منها إلا بأدائها إلى مستحقيها أو وضعها في يد أمين لينوب عنك في إيصالها إليهم، وما استعملته منها أنت في بعض حاجاتك فيلزمك دفع بدله أيضا إلى مصاريفه التي بيناها وبذلك تبرأ ذمتك منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني