الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس للزوجة أن تحمل زوجها نفقة فوق ما يطيق

السؤال

ما رأي أهل العلم في زوجة صالحة تعرف الله، وتتعبده على أكمل وجه، ولكن في علاقتها داخل بيتها تتوسع في المطالب المالية من شراء تجديد الأثاث أو السيارة أو أمور ترفيهية وتكميلية ... إلخ؟ أي فيما هو زائد على توفير متطلبات النفقة الأسرية، وتحت إلحاحها المتكرر هذا، يضطر الزوج أحياناً إلى توفير ما تطلبه منه، خصوصاً وأنه إن لم يفعل ويطاوعها فإن الأمور بينهما تسوء، وهو يكرر النصح لها بأن ما تفعلينه لا يجوز شرعاً، إذ إنني أبذل لك ذلك المال الزائد على النفقة فيما تطلبينه من باب دفع الأذى، وليس بطيب النفس، فترد عليه بحديث هند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ـ والسؤال: هل يجوز للمرأة أن تضطر زوجها مكرهاً أو تخلصاً من أذاها إلى بذل المال فيما هو زائد على النفقة الواجبة؟ أم أن ذلك يدخل تحت عموم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن رزقه الله عز وجل بزوجة صالحة فليحمد الله تعالى وليشكره، لأنه رزق من خير متاع الدنيا كما في الحديث: الدنيا متاع، وخير متاعها الزوجة الصالحة. رواه مسلم.

ويجب عليه أن ينفق على زوجته، وعلى أولاده على قدر استطاعته نفقة لا إسراف فيها ولا تقتير، لقول الله عز وجل: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة: 233}.
ولحديث معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت. رواه أبو داود.
ويجب عليه المسكن حسب طاقته أيضاً، لقول الله عز وجل: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق:6}.
ولا يلزمه أن يعطيها مالا لمصاريفها الشخصية ما دام أنفق عليها، وعلى أولادها وكساهم بالمعروف، إذ لا يلزمه أكثر من ذلك، غير أنه إن زادها على الواجبات شيئاً لا إسراف فيه تقوية لأواصر المودة بينهما فهو أمر حسن، ومندوب إليه، وما سألته الزوجة بعد ذلك وألحت على زوجها فيه فدفعه إليه حياء أو عن غير طيب نفس فلا يحل لها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه. رواه الترمذي.

وقال أهل العلم المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبا وقد نقل ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى الإجماع على أن الآخذ لا يملك ما أخذه من غيره على سبيل الحياء فقال: ألا ترى إلى حكاية الإجماع على أن من أخذ منه شيء على سبيل الحياء من غير رضا منه بذلك أنه لا يملكه الآخذ، وعللوه بأن فيه إكراها بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحسي، بل كثيرون يقابلون هذا السيف أي الحسي ويتحملون مرار جرحه ولا يقابلون الأول خوفا على مروءتهم ووجاهتهم التي يؤثرها العقلاء ويخافون عليها أتم الخوف، ومن الأقوال المأثورة: سيف الحياء أقطع من سيف الجوى. ذكره عليش في فتح العلى المالك وغيره.

ونصيحتنا لكما هي أن لا تضيق على زوجتك وأن تنفق عليها بحسب وسعك وطاقتك وما جرى به العرف في نفقة مثيلاتها ونفقة أمثالك على أزواجهم، وما زاد عن ذلك وكان فيه إضرار بك وتكليف لك فوق طاقتك فلا يجوز للزوجة تحميلك إياه وتكليفك به. وراجع في ماهية النفقة الواجبة على الزوج الفتوى رقم: 113285

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني