الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا لم يقع الطلاق كتابة لعدم النية فلا حاجة للمراجعة

السؤال

تزوج رجل من امرأة ثيب لديها ولد من زوج سابق في مصر، ثم اتفقا على أن يكتبا وثيقة طلاق ليس لغرض الطلاق، ولكن ليجنب ابن زوجته من الدخول الإجباري للخدمة العسكرية، وكان ذلك، وذكر في وثيقة الطلاق أنها بانت منه بينونة صغرى، ثم راجعها خلال أسبوع عرفاً دون عقد جديد أو مهر وقبلت هي وعاش معها وظل يتردد عليها أمام أهله وأهلها والعامة وأمام أبنائه وأبنائها سنين طويلة، وتوفي هذا الرجل الآن، وهو والد زوجتي.
1ـ هل كان لهما أن يتراجعا عرفاً بهذه الطريقة إذا قبلت وتنازلت الزوجة الثيب عن حقها في عقد ومهر جديد؟.
2ـ ما حكم الأبناء أو البنات الذين أنجبهم من هذه المرأة في فترة المراجعة؟ وهل يرثونه شرعاً؟ وهل ترثه هذه المرأة.
3ـ ما حكم الفترة التي عاشاها معاً؟.
4ـ هل من واجب على أبنائه الذين من صلبه تجاه هذه المرأة؟ لا أود أن أطيل عليكم أكثر، لكن هناك توتر شديد وشبه قطيعة في بيت هذا الرجل المتوفى، وهناك من يقول باللجوء إلى الشرع، وهناك من يقول باللجوء إلى القانون، وذلك من أجل إثبات الحقوق والأنساب وحفظ الشرف، ومعلومة أخيرة، أثارت الزوجة المعنية في حضوري موضوع الطلاق الصوري عقب وفاة الرجل مع أخي زوجته الأخيرة لتبرئة ذمتها، ورد قائلاً وأنا جالس بينهما أنه على علم وأن الرجل أخبره بالأمر وأكد له أنه أرجعها إلى عصمته عرفاً، وأنها ترثه في كل شيء حتى لو ترك بيضة وهكذا، وشكراً لكم وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكتابة الطلاق من قبيل الكناية لا يقع بها طلاق إذا لم ينوه الزوج، جاء في المغني لابن قدامة: إذا كتب الطلاق فإن نواه طلقت زوجته ـ وبهذا قال الشعبي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك، وهو المنصوص عن الشافعي ـ وذكر بعض أصحابه أن له قولا آخر: أنه لا يقع به طلاق ـ وإن نواه ـ لأنه فعل من قادر على النطق فلم يقع به الطلاق كالإشارة، ولنا: أن الكتابة حروف يفهم منها الطلاق، فإذا أتى فيها بالطلاق وفهم منها ونواه وقع كاللفظ. انتهى.

وبناء عليه، فإن كان الزوج المذكور لم ينو طلاقا بما كتبه، وإنما أقدم على ذلك للغرض الذي ذكرتَه فلم يلزمه طلاق أصلا، ويترتب على ذلك ما يلي:

1ـ أنه لا يلزمه مراجعة زوجته لعدم وقوع الطلاق أصلا.

2ـ أن العصمة بينهما باقية والمعاشرة مباحة كما هو الحال قبل كتابة الطلاق الصوري المذكور وجميع أولاده وبناته من هذه الزوجة لاحقون به.

3ـ أن هذه الزوجة ترثه إذا كان قد مات وهي في عصمته، لعدم ما يمنع إرثها منه.

وبخصوص قولك: هل من واجب على أبنائه من صلبه تجاه تلك المرأة ـ فإن كنت تقصد بالأبناء أبناء زوجها من زوجة غيرها، فليس ثمت واجب محدد بخصوصها، ولكنه ينبغي لهم الإحسان إلى زوجة أبيهم وصلتها، لأن ذلك من البر بأبيهم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 127472.

كما يجب على هؤلاء الأبناء صلة رحم إخوتهم من جهة الأب، ويحرم عليهم هجرانهم أو قطيعتهم، وإذا كانت المسألة محل نزاع وشقاق ـ كما ذكرت ـ فإن المحكمة الشرعية هي صاحبة الكلمة الفصل فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني