الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كتابة الطلاق في رسالة

السؤال

أنا في إحدى الدول العربية، وزوجتي في مصر، حصل خلاف بيننا، وكنت غاضبا، وأرسلت كلمة طالق في رسالة لها، وبعدها من شدة الغضب قلتها مرتين، ولكن ليس لها وأنا وحدي، وبعدها تخيلت أننا مجتمعان وتخيلتها وقلتها مرة أنا آسف وهو فعلا تهور غبي، هذا فعلا ما حدث، فهل يقع الطلاق؟ وما الحل؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق بواسطة رسالة عبر الهاتف له حكم كناية الطلاق، والكناية إن نوى بها الزوج الطلاق وقع، وإلا فلا يقع، جاء في المغني لابن قدامة: إذا كتب الطلاق، فإن نواه طلقت زوجته، وبهذا قال الشعبي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك، وهو المنصوص عن الشافعي. انتهى.

وبالتالي، فإن كنت قد نويت الطلاق بما كتبته فهو نافذ، وإن كنت لم تنوه فلا يلزمك شيء، وبخصوص التلفظ بعبارة: طالق ـ فقط من غير إسنادها إلى زوجتك كأن تقول زوجتي طالق أو أنت طالق فهي من قبيل كناية الطلاق، كما سبق في الفتوى رقم: 119183.

وبالتالي، فإن لم تنو طلاقا فلا شيء عليك، وإن قصدت الطلاق ونويت إيقاع طلقتين أو لم تنو شيئا لزمتك اثنتان، وإن نويت واحدة فقط لم يلزمك غيرها، جاء في أسني المطالب ممزوجا بروض الطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: وإن كرر كناية كأن قال اعتدي ناويا به الطلاق وكرره غافلا عن التأكيد والاستئناف فعلى أيهما يحمل؟ قولان أوجههما على الاستئناف، فإن نوى التأكيد وقعت واحدة أو الاستئناف فثنتان إن كرر مرة وإلا فثلاث. انتهى.

وهذا الحكم ينسحب على عبارة: طالق ـ التي تلفظت بها أخيرا مرة واحدة، لكنها إن كانت قد سبقتها ثلاث طلقات فلا يلزم فيها شيء ولونويت بها طلاقا لوقوعها بعد انقطاع العصمة فلم تصادف محلا، وإن كان قد سبقها أقل من ثلاث ونويت بها طلاقا فهو نافذ، وإن لم تنوه فلا شيء فيها، وأخيرا نؤكد على أن الطلاق لا يقع إلا إذا كانت الزوجة في عصمة زوجها وقت التلفظ به، لكونها أثناء العدة من طلاق سابق أو كونه قد راجعها أثناء عدتها، فإن وقع الطلاق بعد انقضاء عدتها من غير ارتجاع فلا يلحقها طلاق، لكونه لم يصادف محلا، مع التنبيه على أن طلاق الغضبان يقع نافذا إن كان مدركا لما يقول، فإن كان لا يعي ما يقول ـ وهذه حالة نادرة ـ فلا يلزمه شيء، لارتفاع التكليف عنه حينئذ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.

وبالرجوع إلى جميع ما سبق فإنه يمكنك معرفة ما إذا كان قد حصل منك طلاق أم لا، كما يمكنك معرفة العدد إذا كان قد حصل طلاق، وعلى ذلك فإن كنت قد طلقت زوجتك ثلاثا وهي في عصمتك فقد حرمت عليك، ولا تحل لك إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك - نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل - ثم يطلقها بعد الدخول، وإن كان الطلاق الواقع أقل من ثلاث فلك مراجعتها قبل تمام عدتها، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى

رقم: 30719

فإن انقضت عدتها من غير ارتجاع فلا تحل لك إلا بعقد جديد.

وننصحك بمراجعة محكمة شرعية أو مشافهة أهل العلم بما حصل للنظر في تفاصيل حالتك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني