الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس كل من عصى الله يصبح ممن اتخذ إلهه هواه

السؤال

متى يجعل الإنسان ندا لله عندما يعصيه؟ ومتى يتخذ إلهه هواه؟ وهل عندما يعصي الله من أجل شخص معين جعله لله ندا أو اتخذ إلهه هواه؟ وما حكم تفضيل المعصية على الطاعة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الإنسان يكون جاعلا لله تعالى ندا إذا أشرك به غيره، وذلك بأن يصرف لغير الله تعالى شيئا من العبادات التي لا تصرف إلا له وحده، فهذا هو الشرك الذي لا يقبل الله ممن جاء به صرفا ولا عدلا، قال الشيخ الفوزان: فالشرك هو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله، كالدعاء، والذبح، والنذر، والاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله. انتهى.

فإذا صرف العبد شيئا من العبادات لغير الله فقد جعل لله ندا، وليس مجرد المعصية واتباع الهوى شركا بالله تعالى حتى يؤدي به ذلك إلى صرف العبادة لغير الله، فمن اتبع هواه أو أطاع مخلوقا في الشرك صار مشركا بذلك، وأما مجرد اتباع الهوى في فعل المعصية أو طاعة الغير في فعلها فلا يعد شركا، وقد أوضحنا في الفتوى رقم: 150461، أن اتباع الهوى ليس كله شركا، بل منه ما هو معصية، ومنه ما هو شرك أصغر، ومنه ما هو شرك مخرج من الملة، وذكرنا من كلام العلماء في هذا المعنى طرفا صالحا فانظرها.

وأما تفضيل المعصية على الطاعة، فإن كان المراد به إيثار فعل المعصية لما يجده العاصي فيها من اللذة الحاضرة وترك فعل الطاعة فهذا معصية تستوجب التوبة إلى الله تعالى، وهذا إنما يحمل عليه الجهل بعاقبة المعاصي أو الاغترار بسعة عفو الله تعالى، فالمؤمن يؤثر فعل المعصية على الطاعة لما يرجوه من تدارك أمرها بالتوبة أو لتعويله على مغفرة الله تعالى ورحمته وهذا كله من الجهل، ولذلك قال السلف كل من عصى الله فهو جاهل، قال ابن رجب ـ رحمه الله: مَنْ آثرَ المعصيةَ على الطاعةِ فإنَّما حَمَلَهُ على ذلك جهلُه وظنُّه أنها تنفعُهُ عاجلاً باستعجالِ لذَّتِها، وإن كان عندهُ إيمان، فهو يرجو التخلُّصَ من سوءِ عاقِبتها بالتوبةِ في آخر عمره، وهذا جَهْل محْضٌ، فإنَّه يتعجَّلُ الإثمَ والخزي، ويفوتُه عِزُّ التقوى وثوابُها ولذَّةُ الطاعة، وقد يتمكَّنُ من التوبةِ بعد ذلك، وقد يعاجلُهُ الموتُ بغتةً، فهو كجائع أكلَ طعامًا مسمومًا لدفع جوعه الحاضر ورجا أن يتخلَّص من ضرره بِشُرْبِ الدِّرياق بعده، وهذا لا يفعله إلا جاهلٌ. انتهى.

وأما إن كان المراد بتفضيل المعصية اعتقاد حلها، وأنها أفضل من ضدها ففاعل هذا على خطر عظيم، وربما يخرج بذلك من الملة إذا كانت المعصية التي يعتقد حلها معلوما تحريمها من الدين بالضرورة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني