الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نزول القرآن ليلة خمس وعشرين هل يعني أنها ليلة القدر

السؤال

فضيلة الشيخ أحبك في الله تعالى، وأسأل الله تعالى أن يطيل في عمرك على طاعته، وسؤالي الأول: استوقفني حديث رواه الطبراني في الكبير وأحمد وابن عساكر وحسنه الألباني في صحيح الجامع وهو: عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضت من رمضان ... الحديث حتى قال صلى الله عليه وسلم: وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان ـ فهل بحثي صحيح في تحسين هذا الحديث وإذا كان حسنا، فهل معنى أربع وعشرين خلت أي أنه تم نزوله في الخامس والعشرين من رمضان فتكون هذه الليلة هي التي قال عنها المولى عز وجل: إنا أنزلناه في ليلة القدر ـ لاسيما وهي ليلة وتر وقد أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نتحراها في الأوتار من العشر؟ وما القول الراجح فيها؟ وهل هي ثابتة؟ أم أخفيت ليتحراها الناس ولا تكون محددة بذات ليلة.
والسؤال الثاني: هل تنقضي المجالس بالسلام؟ وهل ورد في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ أي هل ودع أصحابه بالسلام؟ أجيبونا نفع الله بعلمكم وجمعكم مع من أحببتموه وأحبكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

أحبنا الله وإياكم وجمعنا في مستقر رحمته وبعد: فإن الحديث المشار إليه رواه أحمد في المسند والطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان، و قد تكلم بعض أهل العلم في سنده، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة وصحيح وضعيف الجامع الصغير، فنزول القرآن المذكور كان ليلة خمس وعشرين، كما قال البيهقي تعليقا على الحديث: قال الحليمي ـ رحمه الله: يريد به ليلة خمس وعشرين.
وكان نزوله هذا جملة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم كان ينزل بعد ذلك منجما حسب الأحداث والوقائع كما جاء عن ابن عباس وغيره من السلف، قال القرطبي: إنا أنزلناه في ليلة مباركة ـ يعني ليلة القدر، لقوله تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر ـ وفي هذا دليل على أن ليلة القدر إنما تكون في رمضان لا في غيره، ولا خلاف أن القرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر جملة واحدة ، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا، ثم كان جبريل صلى الله عليه وسلم ينزل به نجماً نجماً في الأوامر والنواهي والأسباب.

وعلى اعتبار صحة الحديث، فإن غاية ما فيه أن النزول كان ليلة خمس وعشرين وأن ذلك قد وافق ليلة القدر في تلك السنة، وليس فيه أنها ثابتة في الخمس والعشرين، وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى تنقلها بين أوتار العشر الأواخر من رمضان، ورجح هذا القول، لقوله صلى الله عليه وسلم ـ كما في صحيح البخاري: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان. وقوله: التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى.
وقد أخفيت هذه الليلة لحكم يعلمها الله عز وجل.

وأما ختام المجلس: فإنه يكون بالدعاء الذي رواه أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أراد أن يقوم من المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

وإذا قام عن المجلس فليسلم على من بقي فيه، لما رواه أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إن قام والقوم جلوس فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة. صححه الأناؤوط والألباني.
وقال بعض الفضلاء:
تسليم الانصراف واللقاء * سيان في الرد والابتداء
فالابتدا يُسن في كليهما * والرد في كليهما تحتما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني