الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خروج المني بمجرد التفكير ليس استمناء

السؤال

أنا شاب في الرابعة والعشرين (24)من عمري، وأنا شاب ملتزم والحمد لله، ولكن كانت مشكلتي هي العادة السرية كنت أفعلها من حين لآخر، وفي كل مرة أتوب ثم أعود حتى مللت من نفسي، فأخذت على نفسي نذرا أن أصوم شهرا متصلا إذا فعلتها. ولكن أذنبت ثانية وصمت شهرا . فأخذت على نفسي هذا النذر مرة ثانية بأن أصوم شهرا متصلا حتى أردع نفسي، وفعلا ظللت تقريبا سنة لا أفعلها ثم يا شيخ حدث ما يلي: كنت أفكر في النساء-( وأعلم جيدا أنه لا بد ألا يحدث احتكاك في ذكري حتى لا ينزل مني المني فأكون قد استمنيت فأصوم الشهر )- ثم كبر حجم ذكري لا أقول أنه انتصب انتصابه الذي أعرفه ولكن ازداد حجمه، فشعرت وكأنه سينزل مني سائل من شدة الشهوة فتراجعت سريعا ثم قلت في نفسي أن هذا ليس استمناء لأني لم أحك ذكري أو أضغط عليه، ففكرت ثانية في الشهوة فكاد أن ينزل مني فقمت سريعا خوفا أن يكون استمناء ولكن شعرت أن هناك شيئا قد نزل مني، فنظرت في ملابسي فإذا بشيء قليل جدا من الماء في ملابسي وكأنه بول، ولكن شعرت بشهوة في نفسي فقلت أكمل التفكير حتى ينزل مني مذي فخلعت ملابسي حتى لايكون هناك أي سبب للاحتكاك، فشعرت أن هناك سائلا في ذكري وبقوة وأنه سينزل ولكن لا يريد أن ينزل، ولكن إذاغيرت جلستي أو إذا قمت من مكاني أعرف أنه سينزل، فاعتدلت في جلستي فنزل مني سائل لونه أصفر ثخين ولم ينزل بقوة كالقذف الذي فيه اندفاع ولكن نزل على دفعات وكانت كميته متوسطة ليست قليلة، ولكن شعرت فيه بشهوة ليست عارمة ولكن شعرت، فعندما كنت أفعل العادة السرية كان السائل الذي ينزل مني لونه أبيض ولكن تقريبا نفس الكمية.
فالسؤال الآن:
أولا: هل هذا مني(أي أكون قد استمنيت) أم أنه مذي؟
ثانيا: أنا أعرف أن النذر في هذه الأشياء مكروه ولكني قد أخذته على نفسي، ولكن إذا كان هذا الذي فعلته استمناء فليس لي من كفارة في هذا النذر(فصيام شهر كامل متصل في غير رمضان يكون أمرا شاقا)
وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن ممارسة العادة السرية أمر محرم شرعاً، ومستقبح طبعا وله أضرار صحية ذكرناها في الفتوى رقم :70396، فتجب على السائل التوبة منها بالتوقف عنها والندم على مما رستها والعزم على ألا يعود إليها، مع الاستعانة بالله تعالى في تركها وبذل ما أمكن من الأسباب المشروعة المساعدة على ذلك، ثم إن ما نذرته لمنع نفسك من تلك الممارسة هو ما يسمى بنذر اللجاج أو الغضب، وهو الذي يخرج مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه أو يحثها على شيء.
وهذا النذر لا يلزم الوفاء به إذا حصل الحنث؛ بل يخير صاحبه بين الوفاء به على نحو ما نذر وهو هنا صيام شهر متتابع وبين أن يكفر كفارة يمين،، كما سبق بيانه في الفتوى رقم :17466، والفتوى رقم : 30392، هذا عما يجب بسبب الحنث في نذر اللجاج أو الغضبز

أما هل يعتبر ما حصل من التفكير ونزول السائل المذكور حنثا أم لا، فالظاهرأنه إذا لم يقصد بالتفكير فيما يثيره إخراج المني وقضاء الشهوة فإنه لا يحنث بخروج السائل المذكور، ولوافترض أنه مني لأن مجرد التفكير العارض لا يعتبر استمناء، فإن الفقهاء عرفوا الاستمناء بأنه استخراج المني بغير جماع، أي بمعالجة الإنسان خروجه يقظة حتى يخرج سواء كان ذلك بيده أو فراشه وما أشبه ذلك.

قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج في تعريف الاستمناء: وهو استخراج المني بغير جماع حراما كان كإخراجه بيده، أو مباحا كإخراجه بيد حليلته . انتهى. وانظر الفتوى رقم ،137646 ، لمزيد الفائدة فيما يتعلق بالموضوع.

مع التنبيه أن ما ينزل من الذكر لا يمكن اعتباره منيا إلا بتوفر مواصفاته، فإن شك هل هو مني أو مذي -كما هو الحاصل هنا- خيرالمكلف بين اعتباره منيا فيغتسل أو مذيا فيغسله ويغسل ما أصيب به من بدنه أو ثوبه ولا يجب غسل الجنابة.

وننبه السائل إلى أن أفضل طريقة لمنع النفس من هواها وكبحها عن ارتكاب المحرم من شهواتها هو: المراقبة لله تعالى، واستحضار كونه مطلعاً على ما يسر وما يعلن، وأن هناك حفظة موكلين به لا يغادرون صغيرة ولا كبيرة إلا سجلوها عليه، ومن أفضل طرق الوقاية من هذا العمل الزواج أو الصوم، فقد أرشد إليهما رسول الله صلى الله عليه بقوله: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وقد سبق لنا بيان دواء داء التفكير في الجنس، وكيف يسيطر الشاب على غريزته، وذلك في الفتويين: 35373، 98177. كما سبق أن سقنا في الفتوى رقم: 132647 ، كلاما نفيسا لابن القيم عن أهمية حراسة الخواطر وحفظها، وكيفية الوصول لذلك. فراجعها للأهمية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني