الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع سلعة بشرط إبراء البائع من كل عيب فيها

السؤال

هناك مصطلح يستخدم عند بيع السيارة، عندما تكون فيها مشاكل كثيرة، وسيئة، وهو: " أنا بعتك السيارة حديدًا" أي: دون فحص، سواء للهيكل، أم المحرك، أم أي شيء، وهذا القول يخفّض السعر، وأنا أعلم لماذا سأبيع السيارة حديدًا، فلو قلت للمشتري: "أنا بعتك السيارة حديدًا"، ووافق على شرائها -كحديد- بالسعر المتفق عليه، فهل يتوجب عليّ أن أبين له عيوبها إن سألني، أم أمتنع عن ذلك وفق الاتفاق؟ موضحًا له أنني بعته السيارة حديدًا، ولا أضمن السيارة بأي حال من الأحوال بعد البيع؛ كونها بيعت له حديدًا، وكون السعر الذي بعت به السيارة، هو سعر بيع السيارة حديدًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت تعلم بها عيبًا، فلا بد من إظهاره، ولا يكفي مجرد قولك: بعتك حديدًا، وموافقة المشتري على شرائها على ذلك، فكتمان ما تعلمه من العيوب غش، وتدليس، قال الشيخ خليل بن إسحاق -رحمه الله تعالى-: ووجب تبيين ما يكره... وقال الخرشي شارحًا: أي: وجب على كل بائع -مرابحة، أو غيرها- تبيين ما يكرهه المبتاع من أمر السلعة المشتراة, وتقل به رغبته في الشراء... انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- عن مثل هذه الحالة، فجاء في السؤال: يلاحظ في الحراج على السيارات أن الدلّال يذكر عيوبًا كثيرة في السيارة، وهي ليست بصحيحة، ويهدف من وراء ذلك إلى إخفاء العيوب الحقيقية في السيارة، تحت هذه العيوب الوهمية المعلن عنها، وليس للمشتري في عرفهم حق الرجوع، ولو مع وجود البائع، فهل يجب عليّ أن أوضح عيوب سيارتي الحقيقية أثناء الحراج، مع ملاحظة أن الدلّال لا يذكر العيوب الوهمية، إلا بعد البيع، وتسليم العربون، ولا يمكن للمشتري فحص السيارة، بل ولا يسمح له بذلك، أفتونا عن هذه الطريقة التي تتبع كل مزاد سيارات. جزاكم الله خيرًا.

فأجاب الشيخ: البائع إذا كان يعلم أن في السيارة عيبًا بيّنًا، ولكنه يخفيه بذكر عيوب كثيرة وهمية، فإن هذه الطريقة محرمة؛ لأنها غش ظاهر، ولا يجوز للإنسان أيضًا أن يقول للمشتري: أبرئني من العيوب التي تجدها فيها، وهو يعلم أن فيها عيبًا معينًا لم يذكره.

أما إذا كان لا يدري عنها، مثل أن يكون قد اشتراها، وباعها قبل أن يعلم ما فيها من العيوب، فلا حرج عليه حينئذٍ أن يقول: أبرئني من كل عيوب تجدها فيها، فإذا أبرأه، فلا بأس، ولا حق للمشتري حينئذ في الرجوع، لو وجد عيبًا.

وخلاصة الجواب: أن من علم عيبًا في سيارته، أو غيرها مما يبيعه، فإن الواجب عليه تبيينه للمشتري، ولا يحل له أن يخفيه بأي أسلوب كان، وإذا تم البيع، والبائع قد أخفى العيب، فإن للمشتري حق الرجوع، ما دام البائع كتم العيب وهو عالم به، أما إذا كان جاهلًا بالعيب، وشرط على المشتري أن يبرئه من كل عيب يجده، فهذا جائز، ولا حق للمشتري في الرجوع حينئذ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني