الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء المنسوب للحسن البصري في مواجهة للحجاج به ألفاظ منكرة

السؤال

انتشر بين النساء دعاء: اللهم يا ملاذ نعمتي ـ الذي قاله الحسن البصري عند مواجهة الحاكم، فالنساء كل واحدة منهن تقول جربته في المواقف الصعبة ومواجهة الأعداء فجاء بنتيجة مذهلة، والسؤال هو: هل استخدام هذا الدعاء بدعة ومخالف للسنة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أورد هذا الدعاء التنوخي في كتابه الفرج بعد الشدة في قصة للحسن البصري مع الحجاج ابن يوسف، ولفظ الدعاء: يا غياثي عند دعوتي، ويا عدتي في ملمتي، ويا ربي عند كربتي، ويا صاحبي في شدتي، ويا وليي في نعمتي، ويا إلهي، وإله إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط، وموسى، وعيسى، ويا رب النبيين كلهم أجمعين، ويا رب كهيعص، وطه وطس، ويس، ورب القرآن الحكيم، يا كافي موسى فرعون، ويا كافي محمد الأحزاب، صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين الأخيار، وارزقني مودة عبدك الحجاج، وخيره، ومعروفه، واصرف عني أذاه، وشره، ومكروهه، ومعرته.

ولم نقف على من حكم عليه بصحة أو ضعف، وقد اشتمل على بعض الألفاظ المنكرة، نعني لفظ: ويا رب كهيعص وطه، وطس، ويس، ورب القرآن الحكيم ـ فالقرآن ليس مخلوقا، وإنما هو صفة من صفات الله عز وجل، فلا يكون مربوبا، روى البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما: أنه صلى على جنازة فقال رجل: اللهم رب القرآن العظيم اغفر له، فقال ابن عباس ثكلتك أمك! إن القرآن منه إن القرآن منه.

وراجع الفتوى رقم: 68552.

فيبعد إذن أن يكون الحسن البصري قد قال مثل هذه الألفاظ، ومع هذا فلو خلا منها فلا حرج ـ إن شاء الله ـ في الدعاء به، سئل الشيخ ابن باز عن هذا الدعاء: قال محمد بن واسع ـ رحمه الله: كنت أقول صباحا ومساء: اللهم إنك سلطت علينا عدوا بصيرا بعيوبنا مطلعا على عوراتنا يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم, اللهم فأيسه منا كما آيسته من رحمتك، وقنطه منا كما قنطته من عفوك, وباعد بيننا وبينه كما باعدت بينه وبين جنتك، قال محمد بن واسع: فرأيت إبليس في المنام فقال: لا تعلم هذا الدعاء لأحد فقلت: والله لا أمنعه من مسلم! فما رأي سماحتكم بهذا الدعاء؟ وهل يجوز الدعاء به؟ فأجاب بقوله: هذا الدعاء لا بأس به، ولم أقف عليه في ترجمة محمد المذكور في البداية لابن كثير، ويكفي عن ذلك التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كما قال سبحانه: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ـ وقال سبحانه في سورة النحل: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ـ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من الشيطان في صلاته وغيرها بقوله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وربما قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه ـ وقد فسر أهل العلم الهمز بالصرع، والنفخ بالكبر، والنفث بالشعر، يعنون بذلك المذموم. والله ولي التوفيق. اهـ.

وقد ورد في السنة الصحيحة من دعوات المكروب ما يكفي ويغني، وذكرنا جملة من هذه الأدعية بالفتوى رقم: 70670.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني