الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون)

السؤال

هل تدل آية: فَلا تجعلوا لله أندادا و أنتم تَعْلَمُونَ. البقرة 22 على عذر بالجهل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الآية ليست دليلا للعذر بالجهل، بل هي توبيخ لهم وتحفيز على إعمال عقولهم ليتأملوا بها حتى يوحدوا الله.

فقد قال البيضاوي في تفسيره: { وأنتم تعلمون }. حال من ضمير فلا تجعلوا، ومفعول تعلمون مطروح أي : وحالكم أنكم من أهل العلم والنظر وإصابة الرأي، فلو تأملتم أدنى تأمل اضطر عقلكم إلى إثبات موجد للممكنات منفرد بوجوب الذات متعال عن مشابهة المخلوقات، أو منوي وهو أنها لا تماثله ولا تقدر على مثل ما يفعله كقوله سبحانه وتعالى : { هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء }. وعلى هذا فالمقصود منه التوبيخ والتثريب لا تقييد الحكم وقصره عليه، فإن العالم والجاهل المتمكن من العلم سواء في التكليف. اهـ

وفي التحرير والتنوير لابن عاشور: وقوله: وأنتم تعلمون. جملة حالية، ومفعول تعلمون متروك لأن الفعل لم يقصد تعليقه بمفعول بل قصد إثباته لفاعله فقط فنزل الفعل منزلة اللازم، والمعنى وأنتم ذو علم. والمراد بالعلم هنا العقل التام وهو رجحان الرأي المقابل عندهم بالجهل على نحو قوله تعالى: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون [الزمر: 9]. وقد جعلت هاته الحال محط النهي والنفي تمليحا في الكلام للجمع بين التوبيخ وإثارة الهمة، فإنه أثبت لهم علما ورجاحة الرأي ليثير همتهم ويلفت بصائرهم إلى دلائل الوحدانية، ونهاهم عن اتخاذ الآلهة أو نفى ذلك مع تلبسهم به وجعله لا يجتمع مع العلم توبيخا لهم على ما أهملوا من مواهب عقولهم وأضاعوا من سلامة مداركهم. وهذا منزع تهذيبي عظيم، أن يعمد المربي فيجمع لمن يربيه بين ما يدل على بقية كمال فيه حتى لا يقتل همته باليأس من كماله، فإنه إذا ساءت ظنونه في نفسه خارت عزيمته وذهبت مواهبه، ويأتي بما يدل على نقائص فيه ليطلب الكمال فلا يستريح من الكد في طلب العلا والكمال. وقد أومأ قوله: وأنتم تعلمون. إلى أنهم يعلمون أن الله لا ند له ولكنهم تعاموا وتناسوا فقالوا: «إلا شريكا هو لك» .اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني