الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سعي المرأة في الطلاق من زوجها لتتزوج بآخر

السؤال

اعذرني يا شيخ أنا خجلة من هذا الكلام الذي سأقوله، لكنني بحاجة لجواب وأستحلفك بالله أن تقرأ الرسالة كاملة وجيدا وبتمعن: كنت على علاقة بشاب وكنت ـ والعياذ بالله ـ أزني معه سطحيا لأني عذراء، وبعد سنة أو سنتين من العلاقة انفصلت عنه، وتعرفت على شاب آخر وأحببته كذلك، وحين كنت مع الثاني تبين لي أنني فقدت عذريتي في الماضي ولم أعلم بها والله، ولأن الطبيبة أخبرتني بأنه توجد حالات تفقد فيها المرأة غشاءها بدون أن تعرف أو تلاحظ ، وأخبرتني أيضا بأني فقدت بكارتي منذ مدة طويلة، لم يكن لي إلا أن ظننت الشاب الأول.
المهم أنني أحببت الشاب الثاني وعلم بحالتي ويعلم بالماضي وأراد ستري، وبدأ ينصحني بالدين وفعلا تغيرت حالي للأفضل ولبست الجلباب وبدأت الصلاة، ولكن ظننت أنه لن يتزوجني، وحين تقدم لخطبتي الشاب الأول الذي أظن أنني فقدت عذريتي منه قبلت به لأجل الستر، وتم عقد القران وحددنا موعد العرس، ولم أخبره بحالي ولا أعلم هل يعلم هو أو لا، وبعد شهر أو اثنين علمت بأن الشاب الثاني الذي أراد ستري ونصحني والذي أحببته يريدني للزواج، وبعد ما تقدم لخطبتي أخبره أبي بأنه تم عقد القران، وأنه تأخر فانتابه شيء من الحزن الشديد والعميق وانهار نفسيا، وبدأ يظن بأني خدعته واستغفلته حين ادعيت أنني لم أعلم بفقدان عذريتي. المهم أنني أريد فسخ العقد قبل الدخول لأجله لأني أحبه ولأنه يعلم بحالتي كلها ويريدني، ولأنه نصحني ولأنه متدين ومثقف، ولأجل أن الشاب الأول أو الزوج لا يعلم بحالتي، وقد يتهمني أو يشك بي حتى وإن كان هو السبب فقد لايصدق أن ذلك منه، ويسألني كيف ومتى ويسألني عن العوارض كالدم والألم التي لم أشعر بها حتى لدرجة أني ظننت نفسا مخلوقة هكذا، والسبب الأخير أن الزوج حين كنت على علاقة به كان تاركا للصلاة وشاربا للمخدرات أيضا وليس مستقيما كما الشاب الثاني، وللعلم أنني مبدئيا خططت للفسخ وقد أخبر أبي أهل الزوج بأننا نريد الفسخ والزوج قد لا يمانع.
بارك الله فيك يا شيخ أجبني وأخبرني هل يمكن أن أكون خلقت بدون غشاء بكارة؟ وهل هذه الأسباب كلها وجيهة لفسخ العقد؟ وادعو الله لي بالثبات والمغفرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما يحصل من التعارف بين الشباب والفتيات وما يعرف بعلاقات الحب بينهما هو باب شر وفساد عريض، تنتهك باسمه الأعراض وترتكب خلف ستاره المحرمات، وكل ذلك بعيد عن هدي الإسلام الذي صان المرأة وحفظ كرامتها وعفتها، ولم يرض لها أن تكون ألعوبة في أيدي العابثين، وإنما شرع للعلاقة بين الرجال والنساء أطهر سبيل وأقوم طريق بالزواج الشرعي لا سواه، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 1769.
فالواجب عليك التوبة مما وقعت فيه من المحرمات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، واعلمي أن طلبك للطلاق أو الخلع من زوجك لرغبتك في الزواج بغيره لا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أحمد. وعن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ. رواه الترمذي.

وإنما يباح للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إذا كان ظالما لها أو بسبب فسقه وفجوره، وراجعي الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق في الفتويين رقم: 37112، ورقم: 116133.
وأما قولك إن زوجك كان تاركا للصلاة ومتعاطيا للمخدرات ـ حين كنت على علاقة به ـ فهذا لا يسوغ لك طلب الطلاق إن كان قد تاب فإن العبرة بحال الزوج لا بماضيه، أما مسألة البكارة فمن المعلوم أنّها تزول بأسباب كثيرة ـ كالوثبة الشديدة والحيضة الشديدة ـ وانظري الفتوى رقم: 8417.

والخلاصة أنه لا يحق لك طلب فسخ العقد لمجرد رغبة الثاني فيك أو رغبتك فيه، ولا لكون العاقد كان فاسقا، لكن إن تبين لك أنه لا يزال فاسقا فلك الحق حينئذ في طلب الطلاق منه لفسقه، واعلمي أنّك إن اتقيت الله وتوكلت عليه فسوف يكفيك كلّ ما أهمك، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً { الطلاق:2}. وقال: ومن يتوكل على الله فهو حسبه { الطلاق:3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني