الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى (كل يوم هو في شأن)

السؤال

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياك الله أخي وطبت وطاب ممشاك وتوبأت من الجنة منزلا، والله أسأل أن يجعل مجالسكم ممن تحفهم الملائكة وتغشاهم الرحمة ويذكرهم الله فيمن عنده، والذين إذا قامو قيل لهم قوموا مغفورا لكم بإذن الله وما ذلك على الله بعزيز.
سؤالي هو: ما تفسير الآية: كل يوم هو في شأن. في سورة الرحمن؟ وكيف نرد على الذين يقولون إنه قد قدر الأقدار كلها وانتهى؟ وهل يحوز لي أن أقول بأنه يستر عيبا ويشفي مريضا ويعطي سائلا ويرفع أقواما ويذل أقواما؟ هل هذا من معنى الآية أي هل يمكنني الاستدلال به؟ أنا أنتظر الرد و بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما عن تفسير الآية فقد جاء في تفسير البغوي: قال المفسرون: من شأنه أن يحيى ويميت، ويرزق، ويعز قوما، ويذل قوما، ويشفي مريضا، ويفك عانيا ويفرج مكروبا، ويجيب داعيا، ويعطي سائلا ويغفر ذنبا إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء ...اهـ

وبهذا يعلم جواز ما ذكرت في السؤال وجواز الاستدلال بالآية عليه.

وأما عن قولك: كيف نرد على الذين يقولون إنه قد قدر الأقدار كلها وانتهى.

فجوابه أنه لاتعارض بين الأمرين. فالله تعالى قدر مقادير الأشياء قبل خلقها كما أخرج مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قدر مقادير الأشياء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء. وفي سنن أبي داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له اكتب، قال: وما أكتب يا رب، قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة.

وهوسبحانه وتعالى كل يوم في شأن يخلق ويبرز للوجود ما قدر خلقه من المقادير السابقة، فقد ذكر أهل العلم أن مراتب الإيمان بالقدر أربع، الأولى: العلم: فإنه سبحانه يعلم ما كان وما سيكون وما هو كائن وما لم يكن لو كان كيف يكون، لا يخفى عليه من ذلك صغيرة ولا كبيرة. والمرتبة الثانية: هي الكتابة فإنه سبحانه قد سجل كل ما كان وما سيكون من أحوال وأفعال وحركات وسكنات في كتاب عنده. والمرتبة الثالثة: المشيئة والإرادة، فكل ما يقع في الكون إنما هو بمشيئة الله وإرادته. والمرتبة الرابعة: الخلق حيث يخلق الله تعالى ما شاء خلقه في الوقت الذي قدره سبحانه وتعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني