الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

إني امرأة متزوجة، ولقد فعلت الفاحشة وزنيت مع شخص وقذف داخلي، وفي نفس الشهر حدثت المعاشرة مع زوجي، وأنا حامل. وأريد التخلص من الجنين ونادمة، وأريد التوبة إلى الله وأخاف ألا يستجيب الله توبتي. ماذا أفعل حتى يقبل الله توبتي وأريد التخلص من الجنين ولقد فكرت بالانتحار. أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب عليك المبادرة فورا إلى التوبة النصوح، وشروط التوبة هي الإقلاع عن الذنب والندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليه. ويجب عليك أن تستري على نفسك ولا تخبري بهذا الذنب أحدا لا زوجك ولا غيره. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا . رواه الحاكم والبيهقي وصححه السيوطي وحسنه العراقي.
ورحمة الله واسعة ومغفرته لا يعظم معها ذنب، فلا يأس ولا قنوط من رحمته، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .[الزمر:53 ] وثبت في سنن الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. فهوني على نفسك وأحسني الظن بربك، وداومي على الطاعة وإحسان العمل والبعد عن أسباب الفتنة، والله تعالى عند حسن ظن عبده به.

وأما الإجهاض فإنه محرم ولو كان الجنين نطفة على الراجح من أقوال الفقهاء، وإذا نفخت الروح في الجنين كان في الإجهاض قتلا للنفس التي حرم الله بغير حق. فإذا أقدمت عليه كانت معصية على معصية فاحذري ذلك أشد الحذر. وإذا زنت المرأة المتزوجة وأنجبت ولدا كان الولد منسوبا شرعا إلى زوجها لأنه صاحب الفراش، ثبت في الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش.

قال النووي: معناه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه وصار ولدا له، يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة سواء كان موافقا له في الشبه أم مخالفا. اهـ.

وأما الانتحار فهو مهرب العاجز ومفر اليائس، والمؤمن أو المؤمنة لا ييأس من رحمة ربه، لأنه يعلم أن الله تعالى قال: إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ. [يوسف:87 ]. وقال تعالى: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ. [الحجر:56 ].

ثم إن الانتحار ليس علاجا ولا يحل مشكلة، بل ينقل صاحبه إلى الشقاء وسوء الخاتمة. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.

ففعل هذه عاقبته هل يمكن أن يقدم عليه عاقل؟!

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني