الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلوات من كان يجهل غسل الجنابة لسنوات عديدة

السؤال

سؤالي هذا في أمر مهم يتعلق بأهم ركن من أركان الإسلام.إخوتي في الله: عندما كان عمري 14 أو 15 سنة أي بعد بلوغي سن الرشد. كنت إذا احتلمت أو خرج المني بسبب العادة السرية, أذهب لأغتسل من هذا المني. لكن جهلا مني كنت أعامل المني معاملة البول أي أني أغسل ما قد يظن أن أصاب الجسم منه. فغالبا كنت أغسل من السرة إلى أسفل الجسم. وكنت أظن أن هذا مجزئ و يكفي. ولم أكن أعلم أن رفع الحدث يكون بالغسل الكامل، وكنت أستمر على هذا إلى أن يأتي يوم أغتسل فيه غسلا كاملا مثل يوم الجمعة. مثلا : خرج المني يوم الاثنين فأغتسل منه بطريقتي الخاطئة سابقا إلى أن يأتي مثلا يوم الجمعة فأغتسل الغسل الكامل
أي أنه في خلال هذه الأيام من الاثنين إلى الخميس أنا على جنابة. وبالنسبة لغسل يوم الجمعة لا أدري هل يرفع الحدث وقتها لأن النية فيه كانت بغرض التنظف والاستعداد لصلاة الجمعة، واستمررت على هذا الأمر جاهلا لأربع سنوات أو خمس و الله المستعان. إلى أن من الله علي بالهداية و العلم و أنا الآن و لله الحمد أسعى للمحافظة على الصلوات في المسجد و الحرص على عدم تفويت تكبيرة الإحرام.
و الله إن هذا الأمر يزعجني كثيرا كل ما تذكرته و ماذا سوف أقول لربي عن بطلان صلوات أربع أو خمس سنوات. هل أنا معذور لجهلي. ثم إنني لو أردت قضاءها. فما هي الطريقة الشرعية لقضائها ؟؟
هل أصلي صلوات الظهر الفائتة كلها في وقت الظهر مثلا أو أستطيع في أي وقت آخر حتى لو كان في وقت نهي أو في وقت غير وقتها ؟؟
ثم إنني قمت بتقدير بسيط لحساب هذه الصلوات. ولكنني أشك في صحته.
لو افترضنا أنني كنت على جنابة في 4 أيام من الأسبوع الواحد أي في 16 أو 18 يوم من الشهر.
وهذا يعني 216 يوم في السنة.
لو ضربناها في 5 سنوات أي 1080 يوم تقريبا.
وفي كل يوم منها 5 صلوات أي 5400 صلاة و الله المستعان.
كيف أستطيع قضاء هذه الصلوات و هل علي كفارة ؟؟
أرجو أن تدلوني على الأمر الذي أكفر به عن ذنبي، و الله إني نادم أشد الندم و كل ما تذكرت هذا الأمر أشعر بضيق لا يعلمه إلا الله، وأرجو منكم الدعاء لي بظهر الغيب بالمغفرة عسى الله أن يتجاوز عني.
و ساعدوني في دلالتي على كل عمل أستطيع أن أكفر به عن هذا الذنب مع التوبة. وكما ذكرت أن عملي هذا فعلته عن جهل لا عن عمد والعياذ بالله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يغفر لك ويتجاوز عنك، ثم اعلم أن قضاء هذه الصلوات التي صليتها والحال ما ذكر مختلف فيه بين العلماء، فمذهب الجمهور أنه يجب عليك قضاؤها لأنها دين في ذمتك ودين الله أحق أن يقضى، وذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى أن من ترك شرطا أو ركنا من شروط الصلاة وأركانها جهلا به لم يلزمه القضاء، وانظر للاطلاع على طرف من هذا الخلاف الفتويين رقم 109981 ورقم 125226 ولقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوة واتجاه وقد انتصر له بما يدل على متانة فقهه وسعة علمه رحمه الله، ولكن قول الجمهور أحوط وأبرأ للذمة، ويسعك تقليد شيخ الإسلام في مذهبه فلا يلزمك شيء وإنما تكثر من النوافل والاستغفار والندم على تقصيرك في تعلم ما يلزمك تعلمه من أحكام الشرع، وإن أردت الاحتياط فإنما يلزمك القضاء حسب قدرتك بما لا يضر ببدنك أو معيشتك على ما بيناه في الفتوى رقم 70806 ويجوز لك القضاء في أوقات النهي، والأولى أن تصلي مرتبا فتصلي الصبح ثم الظهر وهكذا حتى تتم صلاة يوم ثم الذي يليه حتى تقضي ما عليك وذلك خروجا من خلاف من أوجب الترتيب في قضاء الصلوات الفائتة، واعلم أن غسل الجمعة يرفع الحدث عند الحنابلة.

قال في كشاف القناع: (وَإِنْ نَوَى غُسْلًا مَسْنُونًا) كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ (أَجْزَأَ عَنْ) الْغُسْلِ (الْوَاجِبِ) لِجَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. انتهى.

ولعل الراجح من جهة التعليل القول بعدم إجزاء الغسل المسنون عن الواجب لأنها طهارة ليست بسبب الحدث كما هو مذهب الشافعية ووجه عند الحنابلة، ومع ذا فإننا نرجو ألا حرج عليك في الأخذ بقول الحنابلة لأنه قول معتبر وفيه تخفيف عليك ورفق بك وبخاصة وقد عرفناك ما مر من اختيار شيخ الإسلام رحمه الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني