الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح للمبتلى بالوسوسة في نية الصلاة والوضوء والغسل

السؤال

في الحقيقة أنا مبتلى بالوسواس في الصلاة والوضوء والعبادات بشكل عام والوسواس هذا في الإخلاص وهذا الوسواس يعكر علي حياتي مع الأسف بشكل غير طبيعي, وللعلم فإني قد قرأت فتوى لكم على موقعكم برقم: 129656، وملخصها أن السائل كان يسأل عن أنه نوى قطع الصلاة بعد أن دخل فيها بسبب الوسوسة في الرياء وهو مثل ما أعانيه في الإخلاص, وقد أخبرتم سيادتكم هذا السائل أن صلاته باطلة طالما أنه نوى أن يقطع الصلاة وأشرتم عليه في آخر الفتوى أنه طالما قام بإعادة الصلاة فقد برئت ذمته وعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره ومع الأسف لم تعطوا أمر الوسوسة ـ الذي هو سبب هذا كله ـ اهتماما كبيرا إلا أنكم أخبرتموه بأن يعرض عنها وليطرحها بل وزدتم وإن كان شيئاً له حقيقة فليبادر بتصحيح نيته والاجتهاد في تحصيل الإخلاص مما فتح علي ـ والله أعلم ـ وعلى السائل هذا أيضاً بابا فظيعا من أبواب الوسوسة حتى صرت لا أستطيع أن أدخل في الصلاة أصلاً إلا بعد عناء شديد جداً حتى وصل بي الأمر إلى خروج وقت الصلاة في أحيان كثيرة جداً حتى إنني في يوم لم أستطع أن أصلي الفجر والظهر والعصر إلا بعد أن أذن المغرب، بل وقد صليت الفجر بعد صعوبة بالغة بعد صلاة العشاء, فأقصد أنكم لم تعطوه الحل العملي لأن موضوع الوسواس هذا يحتاج إلى تفصيل دقيق جداً ليس بمجرد السهولة في الإعراض عنه خاصة إذا كان الشخص أصلاً قد دخل في الوسواس ويعاني منه فترة من الزمان, بل وقد قرأت أيضاً على موقع آخر من مواقع أهل السنة والجماعة ممن ينقل فتاوي كبار العلماء واللجنة الدائمة في السعودية في نفس موضوع نية قطع الصلاة وقد زادوا في الإجابة بأن نية القطع تبطل كذلك في الوضوء حيث تبطل ما تم غسله من الأعضاء قبل أن يكتمل مما فتح علي أيضاً بابا عظيما جداً من أبواب الوسوسة التي جعلتني أصل لدرجة أنني أحاول أن أمسك البول والغائط بقدر المستطاع مما يسبب لي تعبا في جسدي وذلك حتى لا أقوم بالوضوء مرة أخرى مما أصل إليه من ضغط نفسي شديد جداً عند الوضوء حيث أقوم بقطع الوضوء كثيراً جداً قبل أن أكمله بل امتدت الوسوسة إلى الغسل من الجنابة أيضاً وللعلم فالآن أنا لا أستطيع أن أدخل في الصلاة المفروضة من البداية خوفاً من قطع الصلاة حتى يركع الإمام أو لو لم يبق على خروج وقت الصلاة إلا قليلاً ولم أجد جماعة فمع الأسف يصعب علي جداً أن أبدأ فيها وبالتالي يحدث كثيراً أن وقتها يكون قد خرج بالفعل وبالتالي يؤثر علي نفسياً وأحزن حزناً شديداً, وبالتالي فأنا أخشى أن أصل لدرجة ألا أستطيع أن أبدأ الوضوء أو لا أستطيع أن أتوضأ أصلاً بسبب هذا الأمر, ولا أعلم هل يجزئني التيمم مع وجود الماء حتى أستطيع أن أصلي وما هي كيفية التيمم في هذه الحالة؟ وبالتالي فأنا كل ما أطلبه من سيادتكم أمرين هامين جداً وذلك من منطلق ثقتي في موقعكم وثقتي في علمكم:
أولاً: أن توضحوا لي في تفصيل مسألة نية قطع الصلاة أو الوضوء أو الغسل من الجنابة دون أن ترجعوني إلى فتاوي سابقة لأن الأمر جد خطير والأمر يعكر علي حياتي فعلاً وأريد إجابة شافية تكون سبباً في إعانة الله عز وجل لي كما قال الله تعالى:فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
ثانياً: أن توضحوا لي حلاً عملياً تفصيلياً لأن المسألة بالنسبة لي مسألة لحظة واحدة هي أن يوسوس لي أن أخرج فأخرج على الفور سواء في الصلاة أو الوضوء أو الغسل حتى إن إرادتي ضعيفة جداً في مقاومة هذا الأمر خاصة بعد أن قرأت الفتوى المذكورة وأعلم تماماً أن الأمر يبدأ من داخلي وليس فيه تدخل من أحد فيجب أن أعلم ما أستطيع فعله عملياً.
أعتذر على الإطالة ولكن أنا في عذاب نفسي شديد جداً لأنني أدعو الله تعالى كثيراً أن يقبضني قبل أن يدخل وقت الصلاة القادمة حتى لا أصل لدرجة أن أترك الصلاة بالكلية فيغضب الله تعالى علي, لأني فعلاً في عناء بالغ من هذا الأمر, وأشكركم على سعة صدركم.
ملحوظة: الرجاء العلم بأنني مصاب أيضاً بوسوسة في قراءة الفاتحة حيث أقرؤها بتمعن مبالغ فيه حيث أحاول التأكد تماماً من نطق كل الحروف حتى لا تكون ناقصة أو لم تنطق بشكل صحيح مما يجعلني أطيل في الصلاة بشكل مبالغ فيه فبم تنصحونني أيضاً في هذا الأمر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما أيها الأخ الكريم، ولا علاج لك أمثل من الإعراض عن هذه الوساوس مهما بلغت شدتها، وانظر الفتويين رقم: 51601، ورقم: 134196.

وقد يكون أمر الإعراض عن الوساوس صعبا في أول الأمر، ولكنه بالمجاهدة يتيسر بإذن الله، وثق أنك لن تجد الراحة ولن تذوق لذة العبادة إلا إذا طرحت عن نفسك هذه الوساوس وتخلصت منها، ونحن ننصحك بما فيه الخير لك في المسائل المذكورة، فمهما وسوس لك الشيطان أنك قطعت الصلاة وأمرك بالخروج منها لكونك أبطلتها ونويت قطعها فلا تلتفت إلى هذا الوسواس وامض في صلاتك واعلم أنها صحيحة بإذن الله وأنك لم تنو قطعها ولا الخروج منها وأن هذا الوسواس لا يؤثر في صحتها، وإذا أردت الصلاة فبادر بتكبيرة الإحرام دون توقف أو تعب في استحضار النية ومهما وسوس لك الشيطان أنك لم تنو النية المطلوبة فأعرض عن وسوسته واعلم أنه لا يريد بك الخير، وإذا أردت الوضوء أو الغسل فلا تتردد ولا تقطع الوضوء ولا تعد غسل شيء من الأعضاء مهما وسوس لك الشيطان بأنك لم تنو أو أنك قطعت النية أو غير ذلك، واعلم أن كثيرا من الفقهاء قد نصوا على أن قطع النية في أثناء الوضوء لا يبطل غسل ما تم غسله من الأعضاء، فلا تلتفت البتة إلى موضوع قطع النية هذا لا في الطهارة ولا في الصلاة وامض في عبادتك بصورة طبيعية مهما وسوس لك الشيطان فإن هذا هو علاج ما تعاني منه من الوساوس نسأل الله لك العافية، وكذلك فافعل في قراءة الفاتحة فاقرأ الحرف مرة واحدة ولا تكرر شيئا من المقروء ولا تبالغ في مراعاة المخارج ونحوها فإن هذا فضلا عن كونه تنطعا مذموما واسترسالا مع الوساوس يفضي إلى الشر فإنه يذهب الخشوع ويحول دون تدبر المقروء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني