الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخفاء الزوج مرضه بالصرع يعد من الغش المحرم

السؤال

أرجو أن تفتوني في رجل تقدم لخطبتي و أخفى علي حقيقة مرضه، وهو أنه تنتابه نوبات صرع مصاحبة بصراخ شديد أغلبها في الفراش و قد اكتشفت حقيقة مرضه بعد الدخلة بعشرة أيام، فأصبت برعب شديد حتى أنني لا أستطيع النوم أو التقرب إليه في الليل، و هو أيضا مريض نفسيا و دائما في حالة اكتئاب، و سريع الغضب لأتفه الأسباب، و لا يتقبل أي نقاش، و لا يخرج من البيت و لا يزوره أحد. و عندما طلبت منه الطلاق لاستحالة العيش معه رفض و جرجرني في المحاكم، و حتى الحكم مع الأسف كان لصالحه بالرجوع. فلم يبق لي سبيل سوى الخلع و أفوض أمري إلى الله على خداعه لي، فأنا يتيمة و فقيرة ولم أتزوج إلى سن 34، و قد سببت لي هذه الخدعة صدمة نفسية و أمي دائمة البكاء لأنها ككل أم تتمنى أن تستر بناتها بالزواج في حياتها.حسبي الله و نعم الوكيل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوجك قد أخفى عليك مرضه بالصرع فقد وقع في الغش المحرم، و من حقك فسخ نكاحه لهذا العيب.

قال الرحيباني: الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثَبِّتَةِ لِلْخِيَارِ: وَهُوَ الْجُنُونُ وَلَوْ كَانَ يُخْنَقُ أَحْيَانًا لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَسْكُنُ إلَى مَنْ هَذِهِ حَالُهُ وَيَتَّجِهُ: وَمِنْهُ أَيْ: مِنْ الْجُنُونِ الَّذِي يَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ الصَّرْعُ. مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى.

لكن مرد هذه الأمور إلى المحكمة الشرعية ، فإذا كنت قد رفعت الأمر للمحكمة الشرعية ولم تحكم بحقك في الفسخ فلم يبق لك إلا الخلع لمفارقة هذا الرجل، ولعل الله يخلف عليك خيرا.
واعلمي أن كل ما يصيب العبد إنما هو بقدر من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والتي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].
فاصبري وأحسني ظنك بربك، واعلمي أنك إن صبرت والتزمت حدود الله فلن يضيعك الله أبداً، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {يوسف:90}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني