الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من جرت على لسانه كلمة الطلاق دون أن يقصدها

السؤال

أنا طالب أدرس بالخارج في أمريكا وقد عقدت عقد النكاح على فتاة من بلدي وبعدها سافرت ولم أدخل بها، وفي مرة حدث بيني وبينها خلاف على التلفون وكنت منهارا، لأنني أعاني من الغربة، والوضع النفسي متدهور عندي وقد شدت معي زوجتي بالكلام وانفعلت عليها وأصبحت أسب وأشتم وغير قادر على أن أمسك نفسي وأصرخ وخلال فقداني لقدرتي على ضبط نفسي وكنت أهددها بالطلاق وأنا فاقد لأعصابي فطلبت مني الطلاق ففلت من لساني كلمة: أنت طالق أنت طالق ـ ولم أقصدها وأسب وأشتم وأبصق وأغلقت الخط وأنا لا أعي بل جاءت على لساني دون أن أعنيها تماما وكأنها جاءت كردة فعل تلقائي، لأنني كنت منهارا بسبب الخصومة معها ومن الضغوطات النفسية التي أعانيها ولم أستطع أن أملك أعصابي وكنت غاضبا غضبا شديدا وللأسف أن هذا الأمر أعاني منه حتى إنني من الممكن أن أكسر الذي أمامي إذا جاءتني حالة الغضب هذه التي انتابتني، فهل تقع الطلقة أم لا؟ علما بأن الخلاف أجزاء منه حدثت وأنا في حالة انهيار حيث إنني بعد الحادثة ذاتها بلحظات رجعت إلى وعيي وأنا أبكي ولا أعلم ما الذي فعلته بنفسي وما الذي أخرج تلك الكلمة من لساني علما أنني في أمريكا وزوجتي في السعودية، أفتوني في أمري هل يقع الطلاق أم لا؟ وإن وقع فما الذي علي أن أفعله؟ أفيديوني جزاكم الله وبارك الله بكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا بد من التنبيه أوَّلا على أن الزوجة لا يجوز لها طلب الطلاق بدون عذر شرعي، لثبوت الوعيد الشديد في ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.

والأسباب المبيحة للطلاق سبق بيانها في الفتوى رقم: 116133.

ثم إن الطلاق لا يقع إلا إذا قصد الزوج النطق به بلفظ صريح أو كناية، قال خليل بن إسحاق المالكي: وركنه ـ يعني الطلاق ـ أهل وقصد ومحل لفظ ـ قال شارحه عليش: أي إرادة النطق باللفظ الصريح، أو الكناية الظاهرة. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 142387.

وبناء على ذلك، فإن كانت عبارة: أنت طالق أنت طالق ـ خرجت من لسانك وأنت لا تقصد النطق بها ولا تعيها -كما ذكرتَ- بل جاءت على لسانك دون أن تعنيها تماما, فإنه لا يلزمك شيء وبالتالي فزوجتك باقية في عصمتك، وحاول أن تجاهد نفسك على مدافعة الغضب بعد وقوعه والحرص على علاجه، وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 8038.

أما إذا قصدت التلفظ بها وكنت تعي ما تقول فالطلاق واقع وإن كنت تكره وقوعه وندمت عليه، مع التنبيه على أن الغضبان لا يقع طلاقه إذا كان غضبه شديدا بحيث لا يعي ما يقول، لأنه حينئذ في حكم المجنون، وراجع الفتوى رقم: 35727.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني