الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تعليق طلاق الزوجة على عدة أمور

السؤال

السؤال: ما حكم أن يقول الرجل لامرأته بعد الزواج: تكونين طالقا مني إذا عرفت وأحببت أحدا غيري وتمنيته زوجا لك غيري ـ فهل إذا حدث ذلك بالفعل يكون الطلاق واقعا وتكون محرمة عليه؟ وهل هناك كفارة لهذا خاصة وأن الزوجة لا تستطيع مواجهته بهذا الآخر حتى لا يفتضح أمرها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ينبغي للزوج أن يكون بهذه الجرأة على تعليق طلاق زوجته، خصوصا إذا كان المعلق عليه الطلاق يمكن أن يحصل دون إرادة من الزوجة، فإن الحب أمر جبلي وقد يحصل دون تعاطي سببه، وعلى أية حال فمن علق طلاق زوجته على أكثر من شرط مع العطف بالواو بين تلك الشروط، فإن كان قصده أنها تطلق بأي واحد من هذه الأفعال فإنها تطلق بأي واحد وجد منها، لأن النية لها مدخل في الأيمان، قال ابن قدامة في المغني: ويرجع في الأيمان إلى النية، وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ أو مخالفًا له.

وإذا لم تكن له نية، فإن الطلاق لا يقع إلا إذا حصل جميع الشروط المعلق عليها، وبالتالي فمن قال لزوجته: تكونين طالقا إذا عرفت وأحبيت أحدا غيري وتمنتيه زوجا لك غيري ـ فإن الطلاق لا يقع إلا إذا عرفت زوجته رجلا وأحبته وتمنته زوجا لها، أما إذا عرفت رجلا ولم تحبه أو أحبته ولم تتمنه زوجا لها فلا يقع الطلاق، جاء في المغني لابن قدامة: فإن قال: إن أكلت ولبست فأنت طالق، لم تطلق إلا بوجودهما جميعا سواء تقدم الأكل أو تأخر، لأن الواو للعطف ولا تقتضي ترتيبا، وإن قال: إن أكلت أو لبست فأنت طالق، طلقت بوجود أحدهما، لأن أو لأحد الشيئين. انتهى.

وفي تكملة المجموع شرح المهذب: وإن قال إن كلمتك ودخلت دارك فأنت طالق لم تطلق إلا بالدخول والكلام، سواء تقدم الدخول أو الكلام، لأن الواو تقتضى الجمع دون الترتيب. انتهى.

وإذا حصل ما علق عليه الطلاق فإنه يقع عند الجمهور وهوالقول الراجح، لكن لا تحرم على زوجها، بل له مراجعتها قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم: 30719.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية إنه يجزئ الزوج أن يخرج كفارة يمين إن لم يكن قد قصد طلاقا، والراجح مذهب الجمهور، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19162.

وعلى القول بأن الرجعة تحصل بالفعل دون نية فلا يلزم أن تخبر الزوجة زوجها بأن الطلاق قد حصل، ويكفي أن يحصل بينهما ما تتم به الرجعة من الاستمتاع، وإذا وصل عدد الطلقات بينهما إلى ثلاث فلا مناص حينئذ من امتناعها منه، لأنها لم تعد تحل له قبل أن تنكح زوجا غيره، وبالتالي فعليها أن تنفصل عنه ولو بالافتداء منه، أو إخباره إن لم يوجد بد من ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني