الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط في تكفير أهل البدع

السؤال

ما معنى هذا الكلام؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وأما القدرية المقرون بالعلم، والروافض الذين ليسوا من الغالية والجهمية والخوارج فيذكر عنه يعني الإمام أحمد في تكفيرهم روايتان. هذا حقيقة قوله المطلق مع أن الغالب عليه التوقف عن تكفير القدرية المقرين بالعلم. ثم قال: وأصل ضلال هؤلاء الإعراض عما جاء به الرسول من الكتاب والحكمة وابتغاء الهدى في خلاف ذلك، فمن كان هذا أصله فهو بعد بلاغ الرسالة كافر لا ريب فيه... إلى أن قال:
فهذا الكلام يمهد أصلين عظيمين:
أحدهما: أن العلم والإيمان والهدي فيما جاء به الرسول، وأن خلاف ذلك كفر على الإطلاق، فنفي الصفات كفر والتكذيب بأن الله يرى في الآخرة أو أنه على العرش أو أن القرآن كلامه كفر، وكذلك ما كان في معنى ذلك وهذا معنى كلام أئمة السنة وأهل الحديث.
و الأصل الثاني: أن التكفير العام كالوعيد العام يجب القول بإطلاقه وعمومه.
وأما الحكم على المعين بأنه كافر أو مشهود له بالنار فهذا يقف على الدليل المعين، فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه. اهـ
هل يعني أننا لا نكفرهم إلا بعد بلاغ الرسالة ؟ ألم يبلغهم القرآن الكريم و هذا يعني أن الحجة قد قامت عليهم ؟ وما معنى: القدرية المقرون بالعلم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأهل السنة يؤمنون بعلم الله تعالى السابق لمقادير الخلائق وأفعالهم وكتابته سبحانه لذلك، ويؤمنون بمشيئة الله عز وجل لأفعال عباده وخلقه لها. وهذه هي المراتب الأربعة للإيمان بالقدر، وراجع في بيانها الفتويين: 60787، 136263.
والقدرية النفاة، منهم من ينكر المشيئة والخلق فقط ويثبت علم الله تعالى السابق، ومنهم من يبالغ فينكر علم الله السابق. والنوع الأول هم من عناهم شيخ الإسلام بـ (القدرية المقرون بالعلم). بخلاف من ينكره ويعتقد أنه سبحانه لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما القدرية الذين ينفون الكتابة والعلم فكفروهم، ولم يكفروا من أثبت العلم ولم يثبت خلق الأفعال. اهـ.
وأما مسألة قيام الحجة بمجرد بلوغ القرآن، فإنه ينبغي أن يقيد بالتمكن من العلم به.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): الحجة على العباد إنما تقوم بشيئين: بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله، والقدرة على العمل به. اهـ.
وقال ابن القيم في (مدارج السالكين): حجة الله قامت على العبد بإرسال الرسول وإنزال الكتاب وبلوغ ذلك إليه، وتمكنه من العلم به. اهـ.
ثم ينبغي التنبه في مثل هذه المسألة المهمة إلى أن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، وقد نص على ذلك ابن القيم وجعله أصلا من أصول أربعة ينبغي مراعاتها في مثل هذه المسألة، وراجع بيان ذلك في الفتوى رقم: 158921.
وأما بقية كلام شيخ الاسلام ـ رحمه الله ـ فينصبُّ على ضرورة التفريق بين الفعل والفاعل، فالفعل قد يكون كفرا وفاعله متلبس بمانع من موانع التكفير كالجهل والإكراه فلا يحكم بكفره عينا، فليس كل من تلبس بشيء من مظاهر الكفر يكون بالضرورة كافراً، فلابد من قيام الحجة على المعين بحيث لا يكون معذوراً بجهل أو تأويل أو إكراه ونحو ذلك.

قال شيخ الإسلام: ليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة. اهـ.

وراجع في ذلك الفتوى رقم: 721.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني