الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأجير المحل لتباع فيه الشيشة وكيف يتصرف في الأجرة

السؤال

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه للأمة من نصائح وفتاوى ليتبصروا بأمر دينهم.
أما سؤالي فهو: أنا شريك في مطعم مع صديق لي، وقد اتفقنا منذ البداية –قبل سنتين- أن لا نبيع الشيشة أو المعسِّل في المطعم، ولكن مع مرور الوقت بدأ الدخل المالي للمطعم يتناقص ويقل جدا ونخشى الخسارة، لأن الزبائن تريد هذه المنكرات، فجميع المطاعم حولنا يبيعونها، وقد اختلفت مع شريكي في إعادة بيعها ليزداد الدخل ونتلافى الخسائر، فقد أجرَّ شريكي جزء من المطعم لتاجر شيشة ليبيع هو ويربح هو ولا يدخل في ربح المطعم ولا قرش، وإنما يكون واجهة لجذب الناس فإذا طلبوا الشيشة يطلبون معها المأكولات.
والسؤال هنا من عدة نقاط:
1-ما حكم تأجير المكان لبائع الشيشة، علما بأن شريكي طلب منه دفع قيمة فاتورة كهرباء المطعم شهريا وهي تتفاوت مقابل تأجير هذا الموقع أو هذا الجزء من المطعم.؟
2-ما حكم الاعتقاد بأن دخل المطعم لا يزيد إلا بوجود هذه الشيشة وهذا هو الواقع المشاهد؟
3-ما حكم الربح المالي أي الدخل للمطعم منذ وجود بيع الشيشة؟ هل هو حلال خالص أم ماذا؟ لأن شريكي يقول إنه حلال خالص وبعيد عن الحرام. ويقول إن ربح الشيشة يعود لصاحبها وليس للمطعم! ولكني أقول إن المبلغ الذي يدفعه تاجر الشيشة لتسديد فاتورة الكهرباء ألا يخرج من ربح البيع للشيشة ويدخل في ربحنا؟
4-ما حكم مشاركتي لصديقي في هذا المطعم؟ هل أفصل الشراكة لأجل هذا الأمر أم ماذا؟ وخاصة وأنا أعيش خارج البلد الذي به المطعم ولا أستطيع أن أفرض رأيي عليه، وكل أموالي بيده وهو مستأمن عليها، وهو رجل أمين حافظ للمال إن شاء الله.
أخيرا أفتونا مأجورين وماذا تنصحون بخطوات عملية، ولا مجال لإيقاف بيع الشيشة لأن شريكي أوقفها قبل ذلك ثم رجع لبيعها ولا يوافقني الرأي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنجيب على سؤلك من خلال النقاط التي ذكرتها فنقول:

أولا: لايجوز تأجير جزء من المحل لتباع فيه الشيشة لأنها محرمة، ولايجوز إعانة بائعها بتأجير مكان يبيعها فيه قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة:2}. فليس لك موافقة شريكك في ذلك وتمكينه منه ولو لم تأخذوا عوضا عن ذلك .

ثانيا: مسألة اعتقاد كون الشيشة تجلب الزبناء لا حرج فيه، لكن لايجوز اتخاذ تلك الوسيلة المحرمة لجلب الزبناء وقليل حلال خير من كثير حرام قال تعالى: قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:100}.

ثالثا: مادام ربح المطعم خالصا من ربح الشيشة فلا يؤثر وجودها على الأرباح الناشئة عن عمل المطعم في الحلال.

رابعا : الأجرة التي يدفعها صاحب الشيشة في صورة فاتورة الكهرباء عن المطعم كله لا تحل لإنها مقابل منفعة محرمة، و يجب التخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين ودفعها إلى الفقراء والمساكين، وذلك بتقدير ما ينوب المطعم من الفاتورة والتصرف فيه حسب ما تقدم .

رابعا: عليك منع شريكك من تأجير جزء من المحل للشيشة، ولك الحق في ذلك لأن الملك بينكما ولا يجوز للشريك التصرف في الملك الشائع بدون إذن شريكه.

خامسا: مشاركتك لصاحبك فيما هو حلال لاحرج فيها وإن كان الأولى عدم مشاركة من لايتقي الحرام، ولا يؤمن أن يدخل في المال ما فيه شبهة أوما هو محرم، ولا يبالي من أي طريق يجمع المال سواء عنده من حلال أو من حرام، كما بينا في الفتوى رقم: 13379 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني