الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يجب على الفور فتعلم أحكامه واجب على الفور

السؤال

شخص عنده أسئلة كثيرة عن أمور حصلت معه في الصلاة أو الوضوء، و ربما يحتاج منها للإعادة. فهل بإمكانه تأجيل البحث و النظر في تلك الأسئلة علماً أنه ينوي التحقق منها إنما يريد فقط التأجيل لفترة شهرين تقريباً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على كل مسلم أن يتعلم ما يلزمه تعلمه من أحكام الشرع وما لا يسعه جهله، ومن ذلك علم أحكام الطهارة والصلاة، ولا يجوز له ترك تعلم شيء من ذلك، وإذا نزلت به نازلة في هذه الأحكام وجب عليه أن يبادر بسؤال أهل العلم امتثالا لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {الأنبياء:7}. ولا يجوز تأخير التعلم وسؤال العلماء مع القدرة عليه.

قال ابن المبارك رحمه الله في تفسير حديث: طلب العلم فريضة على كل مسلم: ليس هو الذي تظنون، إنما طلب العلم فريضة أن يقع الرجل في شيء من أمر دينه، فيسأل عنه حتى يعلمه. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فالواجب على الإنسان أن يسأل أولا قبل أن يفعل، فإن قدر أن فعل ثم حصل عنده شك فالواجب المبادرة بالسؤال. انتهى.

وقد نص الفقهاء على أن ما يجب على الفور فتعلم أحكامه واجب على الفور، وإنما يجوز تأخير تعلم ما يجب على التراخي كالحج عند من يقول بوجوبه على التراخي، فهكذا قضاء الصلاة إن قلنا هو على الفور وجب تعلم ما يعرف به إن كان شيء من هذه الصلوات مستقرا في الذمة ليبادر المكلف بأدائه أولا، وإن قلنا هو على التراخي فلا يضر تأخير السؤال عنه، والراجح دليلا وهو الأحوط أن قضاء الصلوات الفائتة يجب على الفور ومن ثم يكون تعلم الأحكام المسؤول عنها واجبا على الفور لا يجوز تأخيره.

قال في العقد التليد في اختصار الدر النضيد وهو من كتب الشافعية: المرتبة الأولى: -يعني من مراتب العلم الشرعي- فرض العين، وهو أن يعلم المكلَّف ما لا يتأدى الواجب الذي تعين عليه إلا به، وعليه حمل جماعات حديث: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". إلى أن قال: فمن وجب عليه صلاة مثلا تجدد عليه بدخول وقتها تعلم الطهارة والصلاة، أو كان له مال يزكى وجب بتمام النصاب إن اعتبر، ومضى الحول إن اشترط، تعلم ما يجب في الزكاة الحاضرة، أو دخل عليه رمضان تجدد بسببه تعلم الصوم وما يجب أو يحرم فيه، ولا يلزمه تعلم ذلك قبل وجوب ذلك الشيء، نعم لو صبر إلى دخول الوقت مثلا ولم يتمكن من تمام تعلمها مع الفعل في الوقت يلزمه التعلم وهو الصحيح الذي جزم به النووي، كما يلزم السعي إلى الجمعة لمن بعد منزله قبل الوقت. وتعلم كيفية الواجب بعد الوجوب على الفور إن كان على الفور، وعلى التراخي إن كان على التراخي... ثم إن الذي يجب من ذلك كله عينا هو ما يتوقف أداء الواجب عليه غالبا، دون ما يطرأ نادرا كسجود السهو وتعجيل الزكاة، فإن وقع وجب التعلم حينئذ. انتهى بتصرف يسير.

وبه تعلمين أنه يجب على هذا الشخص أن يسأل عما أشكل عليه وألا يؤخر البحث عنه، فإن كان يلزمه قضاء فالواجب عليه أن يبادر به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني