الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

خلال تصفحي للأنترنت، صفحة تجذب أخرى حتى دخلت موضوعا يتحدث عن الخنثى فاحترت كثيرا لما قرأت فيه، فتنقلت إلى غوغل وبحثت عن مواضيع تخص الخناث فوجدت منها ما يتحدث عن الخنثى المشكل والآخر غير المشكل، وحسب ما فهمت أن المشكل هو الذي يظهر جنسه مباشرة بعد معرفة مكان خروج البول، وأما غير المشكل فيظهر عند البلوغ، لكن ما أدى بي إلى طرح السؤال هو أنني قرأت أن هناك من الخنثى من هو في شكل امرأة أي صدر امرأة والشكل الخارجي نفسه، لكن لها عضو ذكري وهو الذي تأتي فيه الشهوة وهو بذلك يحتاج إلى قضائها ولم أجد أي كلام يخص هذا الصنف، وفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن الخنثى يقصد به من لا يخلص حاله للذكورة أو الأنوثة، جاء في الموسوعة الفقهية: الْخُنْثَى فِي اللُّغَةِ: الَّذِي لاَ يَخْلُصُ لِذَكَرٍ وَلاَ أُنْثَى، أَوِ الَّذِي لَهُ مَا لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا مِنَ الْخَنَثِ، وَهُوَ اللِّينُ وَالتَّكَسُّرُ، يُقَال: خَنَّثْتُ الشَّيْءَ فَتَخَنَّثَ، أَيْ: عَطَّفْتُهُ فَتَعَطَّفَ، وَالاِسْمُ الْخُنْثُ, وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مَنْ لَهُ آلَتَا الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، أَوْ مَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَصْلاً، وَلَهُ ثُقْبٌ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْل. اهــ.
وما ذكرته من أن المشكل هو الذي يظهر جنسه.. إلخ غير صحيح, والمقصود بالمشكل الذي لم تمكن معرفة حاله هل هو ذكر أو أنثى فأشكل أمره, وغير المشكل هو الذي رجحت ذكورته أو أنوثته، جاء في الموسوعة الفقهية: يَنْقَسِمُ الْخُنْثَى إِلَى مُشْكِلٍ وَغَيْرِ مُشْكِلٍ:

أـ الْخُنْثَى غَيْرُ الْمُشْكِل: مَنْ يَتَبَيَّنُ فِيهِ عَلاَمَاتُ الذُّكُورَةِ أَوِ الأْنُوثَةِ، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، فَهَذَا لَيْسَ بِمُشْكِلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ فِيهِ خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ، أَوِ امْرَأَةٌ فِيهَا خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ، وَحُكْمُهُ فِي إِرْثِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ حُكْمُ مَا ظَهَرَتْ عَلاَمَاتُهُ فِيهِ.

ب ـ الْخُنْثَى الْمُشْكِل: هُوَ مَنْ لاَ يَتَبَيَّنُ فِيهِ عَلاَمَاتُ الذُّكُورَةِ أَوِ الأْنُوثَةِ، وَلاَ يُعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ تَعَارَضَتْ فِيهِ الْعَلاَمَاتُ فَتَحَصَّل مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُشْكِل نَوْعَانِ:

نَوْعٌ لَهُ آلَتَانِ، وَاسْتَوَتْ فِيهِ الْعَلاَمَاتُ، وَنَوْعٌ لَيْسَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنَ الآْلَتَيْنِ، وَإِنَّمَا لَهُ ثُقْبٌ. اهــ.

وعلى هذا، فما ذكرته من النوع الذي له صدر امرأة وجسم امرأة وله آلة ذكر هو خنثى، ولكن قد يكون مشكلا وقد لا يكون مشكلا وذلك بما يظهر فيه من علامات تغلب أحد الاحتمالين, جاء في الموسوعة الفقهية في ذكر ما يتحدد به نوع الخنثى: يَتَبَيَّنُ أَمْرُ الْخُنْثَى قَبْل الْبُلُوغِ بِالْمَبَال، وَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيل الآْتِي: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْخُنْثَى قَبْل الْبُلُوغِ إِنْ بَال مِنَ الذَّكَرِ فَغُلاَمٌ، وَإِنْ بَال مِنَ الْفَرْجِ فَأُنْثَى، وَإِنْ بَال مِنْهُمَا جَمِيعًا فَالْحُكْمُ لِلأْسْبَقِ، وَإِنِ اسْتَوَيَا فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ، وَحُكِيَ هَذَا عَنِ الأْوْزَاعِيِّ، لأِنَّ الْكَثْرَةَ مَزِيَّةٌ لإِحْدَى الْعَلاَمَتَيْنِ، فَيُعْتَبَرُ بِهَا كَالسَّبْقِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا فَهُوَ حِينَئِذٍ مُشْكِلٌ، وَأَمَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ بِأَحَدِ الأْسْبَابِ الآْتِيَةِ:

إِنْ خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ، أَوْ أَمْنَى بِالذَّكَرِ، أَوْ أَحْبَل امْرَأَةً، أَوْ وَصَل إِلَيْهَا، فَرَجُلٌ، وَكَذَلِكَ ظُهُورُ الشَّجَاعَةِ وَالْفُرُوسِيَّةِ وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ دَلِيلٌ عَلَى رُجُولِيَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ نَقْلاً عَنِ الإْسْنَوِيِّ، وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ ثَدْيٌ وَنَزَل مِنْهُ لَبَنٌ أَوْ حَاضَ، أَوْ أَمْكَنَ وَطْؤُهُ، فَامْرَأَةٌ وَأَمَّا الْوِلاَدَةُ فَهِيَ تُفِيدُ الْقَطْعَ بِأُنُوثَتِهِ، وَتُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْعَلاَمَاتِ الْمُعَارِضَةِ لَهَا, وَأَمَّا الْمَيْل، فَإِنَّهُ يُسْتَدَل بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الأمَارَاتِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ مَال إِلَى الرِّجَال فَامْرَأَةٌ وَإِنْ مَال إِلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ، وَإِنْ قَال أَمِيل إِلَيْهِمَا مَيْلاً وَاحِدًا، أَوْ لاَ أَمِيل إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَمُشْكِلٌ, قَال السُّيُوطِيُّ: وَحَيْثُ أُطْلِقَ الْخُنْثَى فِي الْفِقْهِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُشْكِل. اهــ مختصرا.

ويمكنك الرجوع إلى المطولات لمعرفة المزيد من أقوال الفقهاء في حكم الخنثى وما يعرف به جنسه من العلامات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني