الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هذه المرأة باقية على عصمتك والأولاد منسوبون إليك شرعا

السؤال

أرجو تكرمكم بإرشادي وتوجيهي ولكم الشكر الجزيل.
منذ 14 سنة قلت لزوجتي إن صبغت شعرك فأنت طالق، وكان قصدي التهديد وكفها عن الصبغ لأنه حرام، وقلت في نفسي اللهم فاشهد أني لا أقصد الطلاق ولكنها صبغت بعد فترة، المهم أني أذنت لها بالصبغ لكنها اليوم تقول أني لم آذن لها وفعلت هذا عنادا لي لكني أخبرتها في حينها أن الطلاق لم يقع لأني لم أكن أنوي الطلاق ولكل امرئ ما نوى، وبعد هذه الواقعة رزقنا بخمسة أطفال أكبرهم عمره 13 سنة. علما بأني استفتيت أحد الشيوخ وأفتاني بأن الطلاق لم يقع وعلي كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين. ولا يشترط إخبارها بهذا وأكف عن هذا لأنه غير جائز..
المهم قبل أسبوع حدث شجار بيني وبين زوجتي تدخل فيه أهلها والسبب أنها خرجت من بيت أبيها بدون إذني إلى مكان لا أريدها أن تذهب إليه ولم تخبرني، وكنت قد منعتها عن الذهاب إلى هذا المكان واتصلت بها فأخبرتها أنها إن لم تخبرني بالصدق فهي طالق، وكنت أسال مع من ذهبت ومع من أتت قالت ذهبت مع أخي ورجعت مع أبي. المهم هي قالت إذا أنا طالق فأخبرت( أي هي) أباها بأنها طالق بالثلاث وقالت إن زوجي طلقني بالثلاث . بعد يومين ذهبت أنا إلى أبيها وأخبرته إن كانت قد كذبت عليٌ فإني أرجعتها وإن كانت صادقه فهي ما زالت زوجتي.
بعد هذه الواقعة أخذت حكما من أهلي وحكما من أهلها إلى بيت أبيها وبحضور الجميع، وأخبرتهم بأني قلت لزوجتي إن لم تخبريني بالصدق فأنت طالق، فالآن أشهدكم إن كانت قد كذبت علي فهي طالق و أنا أرجعتها و أشهدكم على هذا، و إن كانت صادقة فهي ما زالت في عصمتي زوجة حلالا ... المهم هي اعترفت و اعترف أبوها بأنها قالت الصدق ولكنها قالت أنت (أنا الزوج) لم تسأل عن هذا ولكن سألت عن تفاصيل.... ويعلم الله أني لم أشترط الطلاق إلا لأعرف الصدق مع من ذهبت و مع من رجعت ...
المهم من هذا كله أنها (هي و أحد من أهلها ) ذهبوا إلى شيخ مفتي ((من مذهب غير سني)) علما بأنها سنية و ليست مبتدعة، و استفتته عن الطلاق الأول و أني لم أشهد أحدا على إرجاعها فأفتاها بأن الرجعة لا تصح و هي بائن و الطلاق الثاني لم يقع لأنها قد طلقت منذ 14سنة و أولادها أولاد زنا وهي كانت معي على زنا لمدة 14 سنه لأني لم أشهد أحدا على رجعتها، وهذا الشيخ اتصل بأبيها وقال له أمسك عليك ابنتك ولا ترجعها إلى زوجها إلا بعقد جديد و نكاح الزانية بالزاني لا يجوز..هذا الشيخ أفتى بدون أن يسمعني ولم أره.
الآن هي لا تريد أن تستفتي أحدا إلا هذا الشيخ، علما أنه معتمد من قبل الحكومة فأرشدوني ولكم الأجر.
شيخنا العزيز إذا أخذنا بالقول أن الطلاق وقع في الحادثة الأولى هل يعتبر دخولي عليها ومعاشرتها 14 سنة إرجاعا لها أم أن من شروط الرجعة التي لا تتم إلا بها شهادة الشهود، علما أني لم أفارقها أبدا إلا لسفر أو عمل لا يزيد عن شهر في أقصى الحالات. أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الواقع ما ذكرت فإن هذه المرأة لا تزال في عصمتك، وهذا على سبيل الإجمال وتفصيله فيما يلي:

أولا: إن قولك لزوجتك إن صبغت شعرك فأنت طالق، طلاق معلق، وهو يقع بحصول ما علق عليه في قول الجمهور ولو قصد الزوج التهديد، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم الوقوع وأنه تجب فيه كفارة يمين. فإن كان من استفتيته ممن تثق بعلمه ودينه وأفتاك بعدم الوقوع عملت بمقتضى فتواه فقد أديت ما عليك، ففرض العامي سؤال أهل العلم، وراجع الفتوى رقم 19162 والفتوى رقم 144585.

ثانيا: على فرض وقوع الطلاق فهو طلاق رجعي يملك فيه الزوج إرجاع زوجته ما دامت في عدتها، وتحصل الرجعة بالوطء بنية الرجعة في قول بعض العلماء أو بغير نية في قول فريق آخر، وانظر الفتوى رقم 17506. ولا تتوقف صحة الرجعة على رضا الزوجة أو علمها، قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إصلاحا {البقرة:228}.

ثالثا: أن الحالة الثانية من التعليق لم يقع فيها الطلاق لعدم حصول ما علق عليه، وهو كذب الزوجة.

رابعا: أن الإشهاد على الرجعة ليس بواجب فضلا عن أن يكون شرطا لصحة الرجعة، فهو مستحب في قول جمهور الفقهاء؛ كما بينا بالفتوى رقم 110801.

فالحاصل أنها زوجتك وأولادك منها منسوبون إليك شرعا. فيجب عليها الرجوع إلى بيت الزوجية ولا يجوز لأبيها منعها من ذلك، واجتهد وابذل الحيلة في حل هذا الإشكال، واستشر في أمرك بعض الثقات من العلماء والفضلاء الملتزمين بالسنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني