الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القرآن هو المقدَّم إذا عارضه غيره من الكتب

السؤال

أرجو منكم إيضاح من هي أم المسيح عيسى عليه السلام حيث كتب في القرآن الكريم في سورة آل عمران آية 35 وسورة التحريم آية 12 بأنها مريم بنت عمران، ومكتوب في الكتاب المقدس سفر العدد إصحاح 26 وآية 59 أن مريم بنت عمران هي أم هرون وموسى عليهما السلام، وأيضا كتب في الإنجيل أن أم المسيح هي مريم العذراء بنت هالي بحسب إنجيل لوقا إصحاح 3 آية 23. فأرجو من حضرتكم أن توضحوا لي هذا الاختلاف الذي ورد في الكتاب المقدس والقرآن الكريم. ولكم مني كل شكر ومحبة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فينبغي التذكير أولا بأن القرآن هو كتاب الله تعالى المحفوظ من التحريف والتبديل، لأنه الذي تكفل الله بحفظه، قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر:9}.

وهذا بخلاف الكتب السابقة التي وكل الله حفظها إلى الأحبار فغيروا فيها وبدلوا فنالها التحريف، قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ {المائدة:44}.

أي طلب منهم حفظها فلم يفعلوا فدخلها التبديل، فلا يعارض ما في التوراة والإنجيل بما في القرآن، وقد نص القرآن على أن أم عيسى ـ عليه السلام ـ هي مريم ابنة عمران، قال تعالى: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ {التحريم:12}.

وقال سبحانه: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ {الأنبياء:91}.

وأما أم موسى وهارون فلم يذكرها القرآن باسمها وإنما أشار إليها، كما في قوله تعالى: وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {القصص:10}.

وقد اختلف في اسمها اختلافا كثيرا، وعلى فرض أن اسمها مريم ابنة عمران فقد يكون ذلك مجرد اتفاق في الأسماء وإلا فما بين موسى وهارون ـ عليهما السلام ـ وولادة عيسى عليه السلام أكثر من ألف وخمسمائة سنة، وأما كونها ـ أي أم عيسى ـ في بعض الأناجيل اسمها مريم العذراء ابنة هالى فلم نطلع على مثل هذا فيما بين أيدينا من كتب، ولكن مما نعلمه قطعا أن الأناجيل فيها كثير من الأخطاء والتناقضات التي تدل على بطلانها، وأنها لا يمكن أن تكون أصل الكتاب الذي أنزل على عيسى ـ عليه السلام ـ ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 53029، وما أحيل عليه من فتاوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني