الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شركة الأبدان.. معناها وشروطها

السؤال

أنوي فتح مكتب هندسي مناصفة مع أحد الزملاء، وليس عندي دراية بكيفية صياغة عقد الشراكة بيننا بحيث لايتضرر كلا الطرفين، علما أن مهام واختصاص كل واحد منا مختلفة عن الآخر. وكيف بالإمكان تحديد الشراكة بنسبة إذا كانت المناصفة غير عادلة؟ مع التقدير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليكما أن تنشئا الشركة المذكورة بينكما ليعمل كل منكما ببدنه في المكتب دون مال تستثمرانه وتقتسمان ما تتحصلان عليه من ربح بالتساوي، أو بالتفاضل حسبما تتفقان عليه، ويسمى هذا النوع من الشركات بشركة الأبدان.

قال ابن قدامة في المغني: وشركة الأبدان جائزة، معنى شركة الأبدان أن يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم؛ كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم فما رزق الله تعالى فهو بينهم. انتهى.

وقال الشنقيطي في شرح الزاد: وهذا النوع من الشركات يسميه بعض العلماء رحمهم الله بـ (شركة العمل) لأنه يقوم على عمل البدن، فيسمى بشركة الأبدان؛ لأنها منشأ الأعمال، ويسمى بشركة العمل؛ لأن المقصود منه أن يكون النماء من عمل الشريكين.

ومثل الصناع المهندسون والأطباء ونحوهم من أصحاب الحرف ، ويدل على جوازشركة الأبدان مارواه أبو داود والأثرم بإسنادهما عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود قال: اشتركت أنا وعمار بن ياسر، وسعد بن أبي وقاص، فيما نُصيب يوم بدر، فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء. وقد أقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك. وقال أحمد بن حنبل: أشرك بينهم النبي صلى الله عليه وسلم . فهذا الحديث صريح في اشتراك جماعة من الصحابة في أبدانهم في عمل يقومون به، ويقتسمون ما ينالونه .

قال الشنقيطي في شرح الزاد: وهذا النوع من الشركات في قول جمهور العلماء جائز ومشروع، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، ووافقهم على ذلك أصحاب الرأي، وهو قول لطائفة من السلف، منهم الإمام سفيان الثوري رحمة الله على الجميع، قالوا: لا بأس أن يشترك الاثنان فأكثر على أن يقوما بعمل أو بحرفة، والكسب بينهما على ما اتفقا عليه.

ولا يشترط فيها تساوي الشريكين فيما يأخذه كل واحد منهما من الربح وإنما يكون ذلك بحسب الاتفاق من مساواة أو تفاضل. لأنّ العمل هو الذي يستحق به الربح، ويجوز تفاضل الشريكين في العمل، فجاز تفاضلهما في الربح الحاصل به.

وللمزيد حولها انظر الفتويين: 72115/ 97189

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني