الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يجوز قطع أذكار ما بعد الصلاة لذكر عارض ثم إكمالها بعد ذلك

السؤال

بعد الانتهاء من الصلاة أخرج من المسجد وأقول أذكار الصلاة وأنا في الطريق إلى المنزل، ولكن في طريقي تصادفني أذكار أخرى مثل أذكار الخروج من المسجد، وأذكار ركوب السيارة، وأذكار دخول المنزل. فهل أقطع أذكار الصلاة وأذكر أذكار الخروج من المسجد ومن ثم أكمل أذكار الصلاة؟ أو ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يظهر ـ والعلم عند الله تعالى ـ أنه لو عرض لك ذكر مما يفوت بفوات سببه في أثناء اشتغالك بأذكار الصلاة كترديد الأذان ورد السلام ونحوه ذكر الخروج من المسجد أو ذكر ركوب الدابة، فإنك تأتي بهذا الذكر ثم تعود إلى ما كنت فيه من أذكار الصلاة جمعا بين المصلحتين، وقد ذكر العلماء أن المشتغل بالذكر يرد السلام ويشمت العاطس ثم يعود إلى ما كان فيه من الذكر لهذا المعنى، قال النووي ـ رحمه الله: فصل في أحوال تَعْرِضُ للذاكر يُستحب له قطعُ الذكر بسببها، ثم يعودُ إليه بعد زوالها: منها: إذا سُلِّم عليه ردّ السلام ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا عطس عنده عاطسٌ شَمَّتهُ ثم عادَ إلى الذكر، وكذا إذا سمع الخطيبَ، وكذا إذا سمع المؤذّنَ أجابهُ في كلمات الأذان والإقامة ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا رأى منكراً أزالهُ، أو معروفاً أرشد إليه، أو مسترشداً أجابه ثم عاد إلى الذكر. انتهى.

وقد رجح بعض فقهاء الشافعية أن الإعراض عن الذكر كالتسبيحات دبر الصلاة ولو بكلام يسير يعد قطعا له إلا أنهم استثنوا ما إذا كان هذا الكلام ذكرا كرد السلام ونحوه وفي معناه ما ذكرناه، جاء في حاشية الجمل على المنهج: والقطع ظاهر في الصوم والصلاة لارتباط بعض أجزائهما ببعض، وأما قراءة سورة الكهف والتسبيحات ونحوهما فهل المراد بالخروج منه الإعراض عنه والاشتغال بغيره وترك إتمامه؟ أو المراد ما يشمل قطعه بكلام وإن لم يطل ثم العود إليه فيه نظر، والأقرب الثاني ما لم يكن الكلام مطلوبا كرد السلام وإجابة المؤذن. انتهى.

وبه تعلم أنه لا يلزمك أن تعيد ما أتيت به من الأذكار ثانية، لأن ما أتيت به من الذكر وقع صحيحا مجزئا فلا يبطل لاشتغالك بهذا الذكر العارض، والاشتغال بهذا الذكر العارض لا يقطع التسبيحات كما مر، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: وأما إذا كان خارج الصلاة في قراءة أو ذكر أو دعاء فَإِنَّهُ يَقْطَعُ ذَلِكَ وَيَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ، لِأَنَّ مُوَافَقَةَ الْمُؤَذِّنِ عِبَادَةٌ مُؤَقَّتَةٌ يَفُوتُ وَقْتُهَا، وَهَذِهِ الْأَذْكَارُ لَا تَفُوتُ، وَإِذَا قَطَعَ الْمُوَالَاةَ فِيهَا لِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ كَانَ جَائِزًا، مِثْلَمَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ فِيهَا بِكَلَامٍ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ خِطَابِ آدَمِيٍّ وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ الْمُوَالَاةَ بِسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني