الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الماء المنفصل من غسل النجاسة

السؤال

أنا مصابة بالوسواس وأعاني من مشكلة كبيرة وهم كبير من الماء المتطاير من الاستنجاء، فهل يعفى عن هذا الماء المتطاير؟ وهل إذا تطاير هذا الماء على يدي ولم أغسلها مخالفة للوسواس ثم أمسكت ملابسي وشعري وأغراضي تتنجس من هذا الماء؟ وما قول مذاهب العلماء الأربعة في هذا الماء المتطاير؟ جزاكم الله الفردوس الأعلى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى لك الشفاء مما تعانينه من وسواس وهم، وننبهك إلى أن أنفع علاج لتلك الوساوس هو الإعراض عنها لأن الاسترسال فيها سبب لتمكنها ورسوخها.

أما ما يتناثر من الماء حال الاستنجاء: فإن انفصل غير متغير بالنجاسة لم يحكم بنجاسته ولم يجب غسل ما أصابه وهذا أمر واضح لا إشكال فيه، لكونه انفصل غير متغير بالنجاسة، لأن الماء طهور لا يضره إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه، وفي هذه الحالة لا تتنجس يدك بما يصيبها من ذلك. وبالتالي، لا يتنجس ما لامسته من الشعر والملابس أو غيرهما، وليعمل المسلم في هذه الأمورعلى اليقين والظن القوي وليدع الوسوسة فإنها لا تأتي بخير، قال ابن قدامة في المغني: الثالث: أن ينفصل غير متغير من الغسلة التي طهرت المحل ففيه وجهان: أصحهما أنه طاهر وهو قول الشافعي، لأنه جزء من المتصل، والمتصل طاهر، فكذلك المنفصل، ولأنه ماء أزال حكم النجاسة، ولم يتغير بها فكان طاهرا كالمنفصل من الأرض. انتهى.

وإن كنت على يقين أو غلب على ظنك أن المتطاير من الماء حال الاستنجاء كان متغيرا فهو نجس، وكذلك إذا انفصل غير متغير قبل تطهير المحل من النجس، وفي هذه الحالة يتنجس ما لا مسته النجاسة قبل جفافها أو بعد جفافها والمكان الملاقي مبتل أو رطب على تفصيل سنحيل عليه لاحقا، قال ابن قدامة في المغني: والماء المنفصل من غسالة النجاسة ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

أحدها: أن ينفصل متغيراً بها فهو نجس إجماعاً، لأنه متغير بالنجاسة فكان نجساً كما لو وردت عليه.

الثاني: أن ينفصل غير متغير قبل طهارة المحل فهو نجس أيضاً، لأنه ماء يسير لاقى نجاسة لم يطهرها فكان نجساً كالمتغير، وكالباقي في المحل، فإن الباقي في المحل نجس، وهو جزء من الماء الذي غسلت به النجاسة، ولأنه كان في المحل نجساً وعصره لا يجعله طاهراً. انتهى.

وفي مواهب الجليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: والغسالة المتغيرة نجسة، وغير المتغيرة طاهرة. انتهى.

وفي الفروع لابن مفلح: وذكر القاضي أن كلام أحمد يحتمل روايتين فيما أزيلت به النجاسة، يحتمل أنه طاهر، لأنه قال: إذا غسل ثوبه في إجانة طهر، وقال: المنفصل عن محل نجس من الأرض طاهر، وقال: يغسل ما يصيبه من ماء الاستنجاء. انتهى.

وقد سبق أن أوضحنا حكم الماء المتطاير أثناء الاستنجاء في الفتويين رقم: 102750، ورقم: 160321.

وقد سبق بيان حالات انتقال النجاسة في الفتويين رقم: 62420، ورقم: 117811.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني