الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أضواء على حديث: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.

السؤال

ماهي فوائد حديث: كلٌ مسكر خمرٌ، وكل مسكر حرامٌ؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الحديث المذكور رواه مسلم في صحيحه عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.

والحديث يفيد أن كل ما أسكر يسمى خمرا، وأن كل مسكر محرم، سواء أطلق عليه اسم الخمر أم أطلق عليه اسم آخر، لأن علة التحريم هي الإسكار، فحيثما وجد وجدت الحرمة، ففي سبل السلام على بلوغ المرام للعلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني عند شرح الحديث المذكورقال: إنه دال على أن كل مسكر يسمى خمرا، وفي قوله: كل مسكر حرام ـ دليل على تحريم كل مسكر، وهو عام لكل ما كان من عصير أو نبيذ، وإنما اختلف العلماء في المراد بالمسكر هل يراد تحريم القدر المسكر وتحريم تناوله مطلقا وإن قل ولم يسكر إذا كان في ذلك الجنس صلاحية الإسكار، ذهب إلى تحريم القليل والكثير مما أسكر جنسه الجمهور من الصحابة وغيرهم وأحمد وإسحاق والشافعي ومالك والهادوية جميعا مستدلين بهذا الحديث وحديث جابر الآتي بعد هذا، وبما أخرجه أبو داود من حديث عائشة: كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام ـ وبما أخرجه ابن حبان والطحاوي من حديث سعد بن أبي وقاص أنه صلى الله عليه وسلم قال: أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره ـ وفي معناه روايات كثيرة لا تخلو عن مقال في أسانيدها، لكنها تعتضد بما سمعت.. وذهب الكوفيون وأبو حنيفة وأصحابه وأكثر علماء البصرة إلى أنه يحل دون المسكر من غير عصير العنب والرطب.

وقال أيضا: فإنهم كانوا يسمون بعض المسكرات بغير لفظ الخمر كالأمزاز يضيفونها إلى ما يتخذ منه من ذرة وشعير ونحوهما ولا يطلقون عليه لفظ الخمر فجاء الشرع بتعميم الاسم لكل مسكر، فتحصل مما ذكر جميعا أن الخمر حقيقة لغوية في عصير العنب المشتد الذي يقذف بالزبد وفي غيره مما يسكر حقيقة شرعية أو قياس في اللغة أو مجاز فقد حصل المقصود من تحريم ما أسكر من ماء العنب أو غيره إما بنقل اللفظ إلى الحقيقة الشرعية أو بغيره، وقد علمت أنه أطلق عمر وغيره من الصحابة الخمر على كل ما أسكر وهم أهل اللسان والأصل الحقيقة. انتهى.

وفي شرح رياض الصالحين للشيخ محمد بن صالح العثيمين: كل ما أسكر فهو خمر سواء كان من العنب أو من التمر أو من الشعير أو من البر أو من غير ذلك، كل ما أسكر فهو خمر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام ـ والإسكار هو تغطية العقل على وجه اللذة والطرب ليس مجرد تغطية العقل، ولهذا البنج ليس مسكرا وإن كان يغطي العقل، والمبنج لا يدري ماذا حصل له، لكن الخمر ـ نسأل الله العافية ـ يجد الإنسان من السكر لذة وطربا ونشوى حتى يتصور أنه ملك من الملوك وأنه فوق الثريا وما أشبه ذلك. انتهى.

وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 7740.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني