الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاعتراف سيد الأدلة والأولى بأصحاب الحق الستر والعفو

السؤال

الموضوع أني أردت من فضيلتكم التكرم بإرشادنا حول مسألة قد شاك حلها على عقولنا، وعملا بقوله تعالى: (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ومن هذا المنطلق فقد كان لزاما علي سؤال فضيلتكم وذلك عن أن هناك رجلا له ثلاث زوجات وأبناء يسكنون في منزل واحد، أعلنت زوجته الصغرى سرقة مجوهراتها من داخل المنزل، وبعد البحث والتقصي وعدم الوصول إلى السارق قام الزوج بالطلب من جميع من في المنزل أن يحلف على كتاب الله بعدم فعله للسرقة أو المعرفة لا من قريب أو بعيد في هذا الشأن، وبعد أداء القسم من الجميع ومن ضمنهم الزوجة الصغرى أقسم هو على زوجاته أن من كان لها يد في ذلك من قريب أو بعيد فنومها معه منذ الآن حتى ظهور الحقيقة حرام وزنا . وبعد فترة من الزمن حدثت سرقات لمجوهرات وأموال أخرى في المنزل ودارت شائعات واتهامات تقودها الزوجة الأولى وابنها الأكبر باتهام الزوجة الصغرى بكل السرقات حتى مجوهراتها التي ادعت سرقتها بأخذها وبيعها وإعطاء أهلها الثمن، وقال الابن الأكبر بأن لديه الدليل على ذلك وكان دليله هذا مبنيا على الشعوذة وقول مشعوذ قد ذهب إليه فقط لا غير حسب ادعائه، فقام الزوج بتبرئة زوجته الصغرى من ذلك وطلب منها ومن أهلها مسامحة ابنه على ما قام به من التشهير والكذب . وبعد سنوات قام رجل من أقارب الزوج معروف لديه بالسرقة والكذب مدفوعا حسب بعض الشهادات من الابن الأكبر ووالدته بنشر إشاعة أخرى تقول إن الزوجة الصغرى هي من أعطته مجوهراتها ليبيعها مقابل جزء من ثمنها والذي استلمه منها عند تنفيذه الأمر، فما كان من الزوج إلا تصديق القصة دون أن يكلف نفسه بالبحث والتقصي، وقام باتهام زوجته الصغرى وطلب الاعتراف منها بذلك ما اضطرها للجوء إلى أهلها والذين قاموا بمتابعة الموضوع حتى توصلوا إلى اعتراف من الرجل المدلس بأن ما قاله كان محض افتراء وكذب دون بيان أسباب ذلك، ومع هذا فما زال الزوج يقف مدافعا عن قريبه هذا من أي عقوبة قد تصله ضاربا بعرض الحائط براءة زوجته وحقها عليه في الدفاع عنها وعن شرفها وحتى قسمه الذي قاله من قبل .
السؤال هنا: ما حكم زواجهما وما يلزم الزوجة حيال هذا الأمر وهل يثبت حد السرقة على الرجل المدلس باعترافه بأخذ المجوهرات حتى بعد إنكاره القصة جميعها؟ وهل هناك عقوبة شرعية عليه وعلى المحرضين له أو على الزوج ؟ ارجوا إفادتي للأهمية وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 30708، أن تحريم الزوجة يرجع فيه إلى نية الزوج؛ فإن كان يقصد به الطلاق فهو طلاق، وإن كان يقصد به الظهار فهو ظهار، وإن كان يقصد به اليمين فهو يمين، فالواجب الرجوع إليه في تحديد نيته في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 14259 و الفتوى رقم: 0 و الفتوى رقم: 160859.

وأما الاستعانة بالمشعوذين فهو خطأ عظيم فقد منع الشرع إتيانهم وتصديقهم .

وللزوجة الصغرى حق الدفاع عن نفسها، فإن ثبت كذب الرجل عليها فننصح بالسعي في الإصلاح بين أطراف القضية
وإقناع زوجها بالبعد عن اتهامها ومعاملتها معاملة زوجة طبيعية.

وأما إثبات السرقة على الرجل فإن اعترف بذلك طائعا عاقلا فالاعتراف سيد الأدلة.

وأما العقوبة الشرعية على من ثبتت سرقته فهي قطع يده بشرط رفعه لحاكم المسلمين وثبوت ذلك عنده، والأولى بأصحاب الحق ستره والعفو عنه وعدم رفعه للسلطات.

وأما المحرضون فليس في عقوبتهم شيء محدد ولكن لسلطان المسلمين أن يعزرهم بما يراه مناسبا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني