الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطورة كثرة الحلف بالطلاق على الحياة الزوجية

السؤال

ما حكم شخص كلما غضب أو أرتفع ضغطه مع زوجته، يحلف بالطلاق، ثم يندم بعد ذلك؟ وقد أصبح لا يعلم عدد المرات التي حلف فيها ولا كيفية الحلف. مع العلم أن معظم الحلف مشروط.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فستكون الإجابة على هذا السؤال في النقاط التالية:

1ـ الحلف بالطلاق من أيمان الفساق، والإكثار منه داخل في عموم الاستهزاء بأحكام الله تعالى، وهذا من الخطورة بمكان. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 125516.

2ـ الطلاق المعلق يقع عند جمهور أهل العلم بحصول المعلق عليه، وهو الراجح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بلزوم كفارة يمين إن كان الزوج لا يقصد طلاقا، كما سبق في الفتوى رقم: 19162.

وتعليق الطلاق مكروه، لما فيه من تعريض العلاقة الزوجية للانهيار إذا حصل المعلق عليه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 27785.

أما الطلاق المنجز فيقع بمجرد النطق به.

3ـ إن الزوجة يلحقها الطلاق إن كانت في العصمة وقت وقوع الطلاق، لكون زوجها قد راجعها قبل تمام عدتها من الطلاق السابق، أو لم يراجعها، لكنها كانت لا تزال في أثناء العدة من طلاق رجعي، فأي طلاق يسنده الزوج إليها بلفظ صريح ولو هازلا به، أو بلفظ كناية من كناياته وهو يقصد إيقاعه فإنها تطلق به، وإن وقع منه طلاقها بعد انقطاع العصمة أو انقضاء العدة من غير ارتجاع فهو غير نافذ، لكونه لم يصادف محلا، وراجع الفتوى رقم: 154665.

4ـ من شك فيما تلفظ به هل هو صيغة يقع بها الطلاق أم لا؟ فطلاقه مشكوك فيه. وبالتالي، فلا يلزمه شيء، لأن الأصل بقاء العصمة فلا تنقطع إلا بيقين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 154611.

5ـ طلاق الغضبان لا يقع إذا كان غضبه شديدا بحيث لا يعي ما يقول، لارتفاع التكليف عنه حينئذ، فإن كان يعي ما يقول فطلاقه نافذ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.

6ـ إذا تحقق الزوج أنه قد تلفظ بصيغة طلاق ـ منجز أو معلق وحنث ـ ثلاث مرات فأكثر وزوجته في عصمته فقد بانت منه بينونة كبري، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ـ نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول، وإن كان طلاقه أقل من ثلاث فله مراجعتها قبل تمام عدتها، والعدة تنتهي بطهر الزوجة من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو وضع الحمل إن كانت حاملا، أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم: 30719.

فإن انقضت عدتها فلا تحل له إلا بعقد جديد، أما إذا شك في ماهية صيغة الطلاق هل هي مما يقع به أم لا؟ فلا شيء عليه ـ كما سبق ـ والطلاق إن كان في حيض، أو نفاس، أو تعدد في طهر، أو وقع في طهر حصل فيه جماع، أو قبل رجعة، أو تجديد عقد فإنه واقع عند جمهور أهل العلم، خلافا لابن تيمية فإنه قد قال بعدم وقوعه، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 129665.

وقد علمتَ ما في هذه المسألة من تعقيد واحتمالات كثيرة وبناءً على ذلك، فيتعين على الزوج المذكور البحث عن الحكم الشرعي لما سأل عنه بالرجوع لمحكمة شرعية أو مشافهة أهل العلم الثقاة لحكاية تفاصيل ما صدر منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني