الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أرجو أن أحصل على أوسع وأدق شرح أو تفسير للفظ الجلالة "الله "سبحانه وتعالى. هل كان اللفظ معروفا عند العرب قبل الإسلام حيث إني سمعت رواية أن جد النبي حمد الله سبحانه وتعالى عند مولد الرسول صلى الله عليه وسلم؟
جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن لفظ الجلالة"الله " علم للذات العلية لا يشاركه -سبحانه وتعالى- في هذا الاسم غيره؛ فهذا الاسم يوصف بجميع صفات الكمال وتأتي بعده كل الأسماء الحسنى؛ كما قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ {الحشر:22}.

قال القرطبي في التفسير: الله هذا الاسم أكبر أسمائه سبحانه وتعالى وأجمعها، حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم، ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن ولم يجمع، وهو أحد تأويلي قوله تعالى: هل تعلم له سميا. أي من تسمى باسمه الذي هو الله . فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو سبحانه.
وقال الطبري في تفسيره: الله ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين.. هو الذي يألهه كل شيء ، ويعبده كل خلق"
واختلفوا فيه هل هو مشتق، أو هو اسم جامد لا اشتقاق له من كلام العرب؛ فهو موضوع علم للذات العلية.
وعلى القول بأنه مشتق فقيل هو مشتق من أله الرجل إذا تعبد. وتأله إذا تنسك، ومن ذلك قوله تعالى: وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ {الأعراف:127}، على هذه القراءة ، فإن ابن عباس وغيره قالوا : وعبادتك. قالوا : فاسم الله مشتق من هذا ، فالله سبحانه معناه المقصود بالعبادة، ومنه قول الموحدين : لا إله إلا الله ، معناه لا معبود غير الله .
أو هو مشتق من "لاه" ودخلت عليه الألف واللام للتعظيم، أو من "وله" أبدلت واوه همزة؛ لأن الألباب تتحير فيه وتذهب في حقائق صفاته والفكر في معرفته.
وقيل غير ذلك. انظر هذه الأقوال وغيرها في تفسير الطبري والقرطبي ابن كثير وغيرهم.
وقد كان العرب في جاهليتهم يعرفون اسم "الله" وقد ورد لفظ الجلالة في كثير من أشعارهم ومن ذلك قول عنترة بن شداد العبسي:
لا أبعدَ الله عن عيني غطارفة ً * إنْساً إذَا نَزَلُوا جِنَّا إذَا رَكِبُوا

وقول زهير بن أبي سلمى المزني :
بدا لي أن الله حق فزادني * إلى الحق تقوى الله ما كان باديا

وقد ورد ذلك عنهم في كثير من آيات القرآن الكريم فقال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ.{لقمان:25}. ويشهد لما نسبته لعبد المطلب ما قام به مع نفر من قريش يدعون الله ، ويستنصرونه على أبرهة وجنده، يقول وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:

لاهُمَّ إن العبد يمنع * رحله فامنع حلالكْ

لا يغلبنّ صليبهم * ومحالهم غدا محالك

إن كنت تاركهم وقبلـ*ـتنا فأمر ما بدا لكْ

ولاهم معناها (اللهم) أي يا الله.


وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 105812، 72571.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني