الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصفة الأفضل في الإيتار ومشروعية الوتر بتسع ركعات

السؤال

أولاً: أسأل الله العظيم أن يبارك فيكم وفي أعمالكم وأوقاتكم, ويجزيكم عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
ثانياً: سمعت من أحد المشائخ الفضلاء أن من السنن الصحيحة الواردة عنه عليه أفضل الصلاة والسلام في قيام الليل, هي أن يصلي المسلم ثمان ركعات سرداً بلا توقف ولا جلوس, حتى إذا ما قام للثامنة جلس فيها وتشهد ثم رفع مرة أخرى, وأقام ركعة تاسعة تامة, وجلس فيها للتشهد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم سلم.
أي أنه يجلس للتشهد في ركعتين متتاليتين, وهما الثامنة والتاسعة.
وبعد إذنكم أشكل علي من هذه الطريقة أمران:
1/ هل هذه الطريقة تغني عن صلاة الشفع والوتر أم أنها فقط قيام ليل, وإذا ما أراد المسلم أن يأتي بالشفع والوتر فعليه القيام لها بعد الانتهاء من صلاة الليل؟
2/ هل هذه الطريقة هي أفضل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قيامه أو لا, فإن لم تكن كذلك فما هي أفضل طريقة واردة عنه عليه أفضل الصلاة والسلام في قيامه؟؟
وجزيتم خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الصفة التي ذكرها الشيخ المذكور هي إحدى صفات الوتر الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، والوتر من جملة قيام الليل، فمن صلى هذه التسع الموصولة على هذا الوجه فإنه ينوي بها الوتر، ودليل هذه الهيئة في صلاة الوتر ما خرجه مسلم في صحيحه عن سعد بن هشام قال: قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: "كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهَا إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيَّ، فَلَمَّا أَسَنَّ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ، وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الْأَوَّلِ، فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيَّ.

والصفة الأفضل في الإيتار كما ذكر الفقهاء أن يسلم من كل ركعتين ثم يختم وتره بواحدة، ولو أوتر بغير ذلك من الصفات كالصفة المذكورة جاز وكان حسنا.

جاء في الروض ممزوجا بحاشية ابن قاسم: وأكثره أي أكثر الوتر إحدى عشرة ركعة يصليها (مثنى مثنى) أي يسلم من كل ثنتين (ويوتر بواحدة) لقول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة وفي لفظ: يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، هذا هو الأفضل لأمره عليه الصلاة والسلام به، ولاستمرار فعله له، ولأنه أكثر عملاً وله أن يسرد عشرا، ثم يجلس فيتشهد، ولا يسلم، ثم يأتي بالركعة الأخيرة ويتشهد ويسلم (وإن أوتر بخمس، أو سبع) سردها و (لم يجلس إلا في آخرها) لقول أم سلمة: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهن بسلام، ولا كلام» ، رواه أحمد ومسلم (و) إن أوتر (بتسع) يسرد ثمانية، ثم (يجلس عقب) الركعة (الثامنة ويتشهد) التشهد الأول، (ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة ويتشهد ويسلم) لقول عائشة: «ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه وينهض، ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليما يسمعناه». انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني