الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التوبة من القرض الربوي

السؤال

رسالتي ربما تكون طويلة بعض الشيء، لكنني بحاجة للكلام والمشورة فقد تعبت جدا من كثرة التفكير, خصوصا عندما أشعر أنني ارتكبت كبيرة من الكبائر, ليس عن جهل بها وإنما عن ضعف مني، ولا أعرف كيف أتخلص من هذا الذنب، فأنا مقيمة في النرويج, متزوجة وعندي طفل رزقني الله إياه بعد تعب وانتظار طويل, ولكن للأسف رددت هذا الجميل بأن عصيت الله, فمنزلي الذي أعيش فيه صغير, وابني بحاجة إلى غرفة خاصة به, وطبعا قررنا ـ أنا وزوجي ـ اللجوء إلى البنك لأخذ قرض وبناء غرفة للطفل, لم أكن أعلم بأن القرض الربوي من الكبائر خصوصا لعدم وجود بنوك إسلامية هنا، وبعدها أحسست بأنني أغضبت الله, فدعائي لم يعد يستجاب له, وقبل القرض كنت كلما أدعو بشيء يحققه الله لي, بالإضافة إلى أنني قمت بإجراء عمليتين لطفل الأنابيب وباءتا بالفشل, ولم يعد بإمكاني إجراء المزيد من العمليات أي أنني حرمت من أن يرزقني الله طفلا آخر, إلا إذا رضي الله عني ورزقني الله هذا الطفل بدون العملية, فأنا لا أشكو من شيء إلا أنني تجاوزت الأربعين، وأشعر أنني كمن قتلت أطفالها بيديها ولكن حقا أريد رضى الله قبل كل شيء, لا أحتمل فكرة غضبه علي، وزوجي رجل صالح وأنا وإياه نصلي ونصوم رمضان وحججنا السنة الماضية, وهو يرعى والدته, فهي مقيمة معنا هنا بالمنزل وأنا لا أعاملها إلا بما يرضي الله لولا هذا القرض، أنا متعبة جدا, لا أستطيع الضحك أو العيش بهناء, فكيف أبتسم وربي غاضب علي؟ كيف الراحة وربي بعيد عني؟ أخاف أن أكون كالمنافقين, لهم أكثر من وجه يتصرفون به والعياذ بالله لا أستطيع التخلص من هذا القرض ولا سداد الفائدة حتى المنزل أصبحت أكرهه فلم تعد لدي الرغبة في تأثيثه أو القيام بأي شيء فيه، وأنا أشعر بأنه من الحرام، أبكي باستمرار كلما فكرت في ذنبي وأنه من الكبائر.
فكيف أعود لأرضي الله عني؟ كيف السبيل للتخلص من ذنبي؟ أريد أن أحمي طفلي من الحرام فهو أغلى ما لدي في هذه الدنيا تبت إلى الله ندمت جدا، لكن كيف أتأكد أن الله تقبل توبتي؟ أنا مشتاقة جدا لرحمة الله فماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في أن الاقتراض بالربا من كبائر الذنوب، ولكن اعلمي بارك الله فيك وأعانك على التوبة النصوح أنه مهما كان ذنب العبد عظيما فإن رحمة الله تعالى قد وسعت كل شيء، وهو تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فلا تيأسي من روح الله، ولا تقنطي من رحمة الله، وثقي بعفوه وكرمه وجوده وبره ولطفه وإحسانه تبارك وتعالى، واعلمي أنك إذا تبت إلى ربك تعالى توبة نصوحا فإن هذه التوبة تمحو أثر الذنب فيصير ـ بإذن الله ـ كأن لم يكن، كما في سنن ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وحسنه الشيخ الألباني.

وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

وشروط التوبة هي الإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة إليه والندم على فعله، فإذا استوفت توبتك أنت وزوجك شروطها تاب الله عليكما ومحا أثر هذا الذنب عنكما، ثم إن استطعتما أن تبادرا بسداد الدين إن كان في ذلك تقليل لقدر المدفوع من الربا فافعلا، وأما البيت وأثاثه فلا حرج عليك في استعماله ولا مسوغ لكرهك له، فهوني عليك وأخلصي لربك، واصدقي في توبتك واجتهدي في فعل الحسنات والتقرب بنوافل العبادات فإن الحسنات يذهبن السيئات وأحسني ظنك بربك، فإنه تعالى عند ظن العبد به، وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 57184.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني