الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإشارة على الكافر بتأخير الإسلام.. رؤية شرعية

السؤال

ما حكم تسويف الكافر إذا جاء لمسلم وقال له لقني الشهادة كأن يقول له انتظر لحظة أو أن يبقى قبل تلقينه للاستفسار منه هل أسلمت عن قناعة أو أنك تريد ترديد كلمة التوحيد فحسب أو أن يقول له الشيخ مثلا انتظر حتى أكمل المحاضرة ومن ثم نعلن إسلامك أمام الإخوة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أن الكفر هو أنكر المنكرات، فالمبادرة بإزالته متى أمكن ذلك متعينة، ومن ثم نص الفقهاء على عدم جواز الإشارة على الكافر بتأخير الإسلام، بل بالغ بعضهم وعد ذلك كفرا ـ والعياذ بالله ـ لكونه رضا بالكفر، والصواب أنه لا يكون بذلك كافرا، بل هو مرتكب ذنبا من المحرمات الغليظة كما بين ذلك النووي ـ رحمه الله ـ قال في شرح المهذب: إذَا أَرَادَ الْكَافِرُ الْإِسْلَامَ فَلْيُبَادِرْ بِهِ وَلَا يُؤَخِّرْهُ لِلِاغْتِسَالِ، بَلْ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِالْإِسْلَامِ وَيُحَرَّمُ تَحْرِيمًا شَدِيدًا تَأْخِيرُهُ لِلِاغْتِسَالِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا إذَا اسْتَشَارَ مُسْلِمًا فِي ذَلِكَ حُرِّمَ عَلَى الْمُسْتَشَارِ تَحْرِيمًا غَلِيظًا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَخِّرْهُ إلَى الِاغْتِسَالِ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُثَّهُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِالْإِسْلَامِ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَحَكَى الْغَزَالِيُّ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَجْهًا أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْغُسْلَ عَلَى الْإِسْلَامِ لِيُسْلِمَ مُغْتَسِلًا قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَهَذَا الْوَجْهُ غَلَطٌ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ وَخَطَأٌ فَاحِشٌ، بَلْ هُوَ مِنْ الْفَوَاحِشِ الْمُنْكَرَاتِ وَكَيْفَ يَجُوزُ الْبَقَاءُ عَلَى أَعْظَمِ الْمَعَاصِي وَأَفْحَشِ الْكَبَائِرِ وَرَأْسِ الْمُوبِقَاتِ وَأَقْبَحِ الْمُهْلِكَاتِ لِتَحْصِيلِ غُسْلٍ لَا يُحْسَبُ عِبَادَةً لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ فَاعِلِهِ وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ لَوْ رَضِيَ مُسْلِمٌ بِكُفْرِ كَافِرٍ بِأَنْ طَلَبَ كَافِرٌ مِنْهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ الْإِسْلَامَ فَلَمْ يَفْعَلْ أَوْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُسْلِمَ أَوْ أَخَّرَ عَرْضَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ صَارَ مُرْتَدًّا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ إفْرَاطٌ أَيْضًا، بَلْ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً عَظِيمَةً. انتهى.

وبه يتبين لك أنه لا يجوز تأخير أمر الكافر بالإسلام لشيء من الأمور المذكورة، وإن رأى في إعلانه الإسلام على الملأ مصلحة فليأمره بالإسلام أولا ثم ليأمره بذلك على الملأ ويعلم الناس أنه قد أسلم فلان والحمد لله، وبذا يكون جامعا بين المصلحتين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني