الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التسمي بالأسماء التي فيها معنى التزكية

السؤال

اسم صالح من الأسماء المشروعة في التسمية، لأنه اسم لنبي الله صالح عليه السلام كما أن فيه من التفاؤل وهو كقول عبد الله بن عمر لابنه سالم إنما سميتك سالما لتسلم، فيجوز بهذا أن يسمى المرء صالحا رجاء أن يصلح، ولكنني قد رأيت وجهين يجعلان الاسم مما تكره التسمية به والله أعلى وأعلم، أول ذلك أن فيه تزكية لصاحبه فندعوه صالحا وقد يكون فاسدا وقد قال الله تعالى: فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ـ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بأهل البر منكم ـ والثاني: خوف التطير، إذ يقال أثم صالح فيجاب لا، فيقع في النفس ما يكره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تسمين غلامك يسارا ولا رباحا ولا نجيحا ولا أفلح، فإنك تقول أثم هو فلا يكون فيقول لا ـ وقد علق الإمام النووى على ذلك قائلا: والعلة في الكراهة ما بينه صلى الله عليه وسلم في قوله: فإنك تقول: أثم هو؟ فيقول: لا، فكره لبشاعة الجواب، وربما أوقع بعض الناس في شيء من الطيرة، فما قولكم في هذا الذي ذهبت إليه؟ غفر الله لنا ولكم وهو بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن النهي الوارد في الحديث المشار إليه عن التسمي بالأسماء المذكورة وما أشبهها ليس للتحريم، وإنما هو للتنزيه، ولذلك نجد كثيرا من السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم يسمون بصالح ويعلى وعليّ، قال النووي في شرح مسلم: وهي كراهة تنزيه لا تحريم، والعلة في الكراهة ما بينه صلى الله عليه وسلم في قوله: فانك تقول: أثم هو؟ فيقول: لا ـ فكره لبشاعة الجواب، وربما أوقع بعض الناس في شيء من الطيرة.. وقد بين صلى الله عليه وسلم العلة في النوعين وما في معناهما وهي التزكية أو خوف التطير، فإذا زالت العلة ولم يقصد بالتسمية تزكية ولم يخش منها طيرة، وإنما كانت للتفاؤل كما قال ابن عمر، فإنه لا مانع من التسمي بها، لأن الْعِلَّةَ تَدُورُ مَعَ الْمَعْلُولِ وُجُودًا وَعَدَمًا ـ كما قال العلماء ـ وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى عن أن يسمى بيعلى وببركة وبأفلح وبيسار وبنافع وبنحو ذلك ثم رأيته سكت بعد عنها فلم يقل شيئا، ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينه عن ذلك، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك ثم تركه.

ولذلك، فإن ملاحظتك واردة وفي محلها، ولكن الأمر قد استقر على عدم النهي عن هذه الأسماء نهي تحريم فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينه عنها نهي تحريم ـ كما رأيت ـ وجاء في تحفة الأحوذي شرح الترمذي للمباركفوري: سكت النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك رحمة على الأمة، لعموم البلوى وإيقاع الحرج لا سيما وأكثر الناس ما يفرقون بين الأسماء من القبح والحسن فالنهي المنفي محمول على التحريم والمثبت على التنزيه.

كما أن التسمية بصالح قد تحمل على التفاؤل دون التزكية، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 5444.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني