الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الشك والسرحان في الوضوء

السؤال

أحيانا وأنا أتوضأ أنسى كم مرة غسلت يدي مثلا، أو هل غسلتها أم لا، وأحيانا أتوضأ وأنا سرحانة في موضوع آخر. هل سيصح لي الوضوء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الشك يعتري السائلة في بعض الأحيان، فإن حصل أثناء الوضوء فيجب الإتيان بالمشكوك فيه إن كان واجبا، كما إذا شكت هل غسلت اليد إلى المرفق أو هل مسحت على رأسها، مع إعادة ما بعده من أجل مراعاة الترتيب، وإن كان المشكوك فيه مستحبا مثل الغسلة الثانية أوالثالثة كمن شك هل غسل العضو اثنتين أو ثلاثا فيستحب الإتيان بالثالثة بناء على الأقل المتيقن، لأن الأصل عدم الإتيان بها.

ففي الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني في الفقه الشافعي: ويأخذ الشاك باليقين في المفروض وجوبا وفي المندوب ندبا، لأن الأصل عدم ما زاد كما لو شك في عدد الركعات فإذا شك هل غسل ثلاثا أو مرتين أخذ بالأقل وغسل أخرى .انتهى.

وإن حصل الشك بعد انتهاء الوضوء فلا عبرة به ولا يلتفت إليه، أما إن كانت ممن يعاني من كثرة الشكوك والنسيان فلتعرضي عن تلك الوساوس ولا تلتفتي إليها ، فقد نص العلماء على أن من كثرت منه الشكوك في طهارته فإنه يعرض عنها ولا يلتفت إليها، وإن كان الأصل أن من شك في غسل عضو من أعضاء الوضوء فالواجب عليه أن يغسله ، لأن الأصل أنه لم يغسله.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، مبينا حكم من شك في غسل عضو من أعضاء الوضوء: إذا كان هذا الشَّكُّ بعدَ الفَراغ مِن الوُضوء فإنَّه لا عِبرةَ به ولا يُلتَفَت إليه، وإذا كان قبْل الفراغِ مثلَ أنْ يَشُكَّ هل مسَحَ رأسَه وهو يغسِلُ رِجليه فإنَّه يمسحُ رأسَه ويغسِلُ رِجليْه، وليسَ في هذا كُلْفةٌ. هـذا إذا لم يكنْ مُبتلَىً بكثرة الشُّكوك، فإنْ كان كثيرَ الشُّكوكِ فإنَّه لا يلتَفِت إلى ذلك ويَبْني على ما هو عليه الآنَ، فإنْ كان في غَسْلِ الرِّجلين فإنَّه يبني على أنَّه مسَحَ رأسَه وكذلك بقية الأعضاءِ. انتهى.
وله أيضا في فتاوى نور على الدرب جوابا لسؤال جاء فيه : إذا شك المتوضئ في أثناء الوضوء هل استنشق أم لا فماذا يفعل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا الشك كثيراً ما يقع من هذا المتوضئ فإنه لا عبرة به؛ لأن الشك الكثير يكون وسواساً، أما إذا كان شكاً طارئاً حقيقة فإنه إذا شك هل تمضمض أم لا، يعيد المضمضة ويعيد غسل اليدين وما بعد ذلك من أجل مراعاة الترتيب، فإذا مسح رأسه ثم طرأ عليه الشك هل تمضمض أم لا، فإنه يتمضمض ثم يغسل يديه ثم يمسح رأسه ثم يغسل رجليه. انتهى .

أما عن الجزء الأخير من السؤال فإن السرحان أثناء الوضوء لا يؤثر على صحته ، إذا أتى بالنية ابتداء ولم يقطعها، لأن استصحاب ذكر النية ليس شرطا، وإنما الشرط استصحاب حكمها بمعنى أن لا ينوي قطعها كما سبق بيانه في الفتوى رقم :142307، والفتاوى المحال عليها فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني